المُدلَّس بفتح اللاّم ، واشتقاقه من: الدَّلَس بالتحريك ؛ وهو: اختلاط الظّلام . سمِّي بذلك لاشتراكهما في الخفاء ؛ حيث إنَّ الراوي لم يصرِّح بمَن حدَّثه ، وأوهم سماعه للحديث ممَّن لم يحدِّثه ، كما يظهر من قوله[3]: وهو ما أُخفِيَ عيبه[4].
وهو أن يروي عمَّن لقيه أو عاصره ، ما لم يسمعه منه ، على وجهٍ يوهم أنَّه سمعه منه[6].
[أ ـ] ومن حقّه ؛ أي حقّ المدلِّس وشأنه ، بحيث يصير مدلِّساً ، لا كذَّاباً ، أن لا يقول: حدَّثنا ، أولا: أخبرنا[7] ، وما أشبههما ، لأنَّه كذب ، بل يقول: قال فلان ، أو عن فلان ، ونحوه ، كحدَّث فلان وأخبر ، حتى يوهم أنَّه أخبره[8] ، والعبارة أعمّ من ذلك ، فلا يكون كاذباً.
[ب ـ] وربَّما لم يسقط المدلِّس شيخه الذي أخبره ، ولا يوقع التدليس في ابتداء السّند ،
[1] الذي في النسخة الخطِّـيَّة المعتمدة (ورقة 35 ، لوحة أ ، سطر 9): (الخامس: المدلَّس بفتح اللام) فقط ، بدون: (الحقل الخامس: في المدلَّس . تعريفه: المدلَّس بفتح اللاّم).
[2] قال الأستاذ أحمد محمّد شاكر: (وقد ألَّف الحافظ برهان الدين سبط بن العجميّ (المتوفِّى سنة 841) رسالة في التدليس والمدلِّسين ، طبعت في حلب ، وكذلك الحافظ بن حجر (المتوفّى سنة 852) ألَّف رسالة طبعت في مصر) . الباعث الحثيث ، ص55 (الهامش).
[3] يبدو أنَّ مرجع الضمير هو: الطيبيّ ؛ لأنَّ الجملة التالية منقولة من كتابه.
[5] قال الخطيب البغداديّ: (والتدليس يشتمل على ثلاثة أحوالٍ تقتضي ...) . كتاب الكفاية في علم الرواية ، ص358.
وهذا العنوان: (أنواع وقوعه) ، وضعناه للضرورة المنهجيّة.
[6] ينظر: كتاب الكفاية في علم الرواية ، ص22 ، والخلاصة في أصول الحديث ، ص74 ، والباعث الحثيث ، ص53.
[7] هكذا في النسخة الخطِّـيَّة المعتمدة (ورقة 35 ، لوحة ب ، سطر ) ، والصحيح هو: (أن لا يقول: حدَّثنا ولا أخبرنا) ؛ لأنَّه ليس المقصود هنا الترديد ، وإنَّما النهي عن شيئين متعاطفين.