الحقل السادس عشر:
في الناسخِ والمنسوخِ[1]
فإنَّ من الأحاديث ما ينسخ بعضها بعضاً ، كالقرآن.
والأوّل: وهو الناسخ
ما ـ أي حديث ـ دلّ على رفع حكم شرعيٍّ سابق.
فالحديث المدلول عليه بـ: ما ، بمنزلة الجنس ؛ يشمل الناسخ وغيره ، ومع ذلك ، خرج به ناسخ القرآن.
والحكم المرفوع: شامل للوجوديّ والعدميّ.
وخرج بالشرعيّ ـ الذي هو صفة الحكم ـ : الشرع المبتدأ بالحديث ، فإنّه يرفع به الإباحة الأصليّة ، لكن لا يسمَّى شرعيَّاً.
وخرج بالسابق: الاستثناء ، والصفة ، والشّرط ، والغاية الواقعة في الحديث ؛ فإنَّها قد ترفَع حكماً شرعيّاً ، لكن ليس سابقاً.
والثاني: هو المنسوخ
ما رُفِع حكمه الشرعيّ ، بدليل شرعيٍّ متأخّر عنه[2].
وقيوده تعلم بالمقايسة على الأوّل.
وهذا فنّ صعب مهمّ[3] ؛ حتّى أدخل بعض أهل الحديث فيه ما ليس منه ؛ لخفاء معناه[4].
[1] الذي في النسخة الخطِّـيَّة المعتمدة (ورقة 29 ، لوحة أ ، سطر 6): (وسادس عشرها: الناسخ والمنسوخ) فقط ، بدون: (الحقل السادس عشر: في الناسخ والمنسوخ).
[2] ينظر: الخلاصة في أصول الحديث ، ص60.
[3] قال الزهريّ: (أعيا الفقهاء وأعجزهم ، أن يعرفوا ناسخ الحديث من منسوخه) . مقدِّمة ابن الصلاح ، ص405.
[4] الخُلاصة في أصول الحديث ، ص60.