ولا يتصور أن الآيات أو الأحاديث التي تحث على لزوم إعطاء الإنسان نفسه حظوظها من الدنيا تتنافى وتلك الأخبار الكثيرة التي تذم الدنيا وتدعوا الإنسان لقطع علاقته بها والزهد في متاعها ولذتها ، بل مجموع هذين القسمين من الآيات والأخبار إنما يريد حفظ اعتدال الإنسان واتزانه بحيث لا يحصل عنده إفراط في جانب ولا تفريط في جانب آخر . وهكذا الأمر بالنسبة على الأحاديث التي تأمر بالإكثار من العبادة وفي مقابلها الأحاديث التي تمدح الاقتصاد في العبادة ، وفي الجمع بين هذه الأحاديث والأخبار يقول الإمام الخميني (قده) : (وما ورد في الأحاديث الشريفة من الأمر بالجد والسعي في العبادة ، وما ورد فيها من المدح للذين يجتهدون في العبادة والرياضة ، وما ورد في عبادات أئمة الهدى (ع) من جهة ، وما ورد في هذه الأحاديث الشريفة المادحة للاقتصاد في العبادة من جهة أخرى ، مبنى على اختلاف أهل السلوك ودرجات النفوس وأحوالها ، والميزان الكلي هو نشاط النفس وقوتها أو نفور النفس وضعفها) [2] .
ثالثاً : من المطبَّات الخطيرة التي يقع فيها البعض من جهلة المتظاهرين بالنسك والعبادة هو القول : بأن غاية العبادات والأعمال هو طهارة باطن الإنسان ، فإذا طهر باطنه وصفى سره فلا حاجة به إلى