الاستغفار على تقدير بعث النفس الأمّارة على الإصرار، و الحث المستفاد من النهي ينحلّ إلى طلب الأمرين و الإرشاد إليهما معا، تعليلا لأوّلهما بأنّه لا صغيرة مع الإصرار، و ثانيهما بأنّه لا كبيرة مع الاستغفار على طريقة اللّف و النشر المشوّش، مع كون الثاني علّة لترك الإصرار و الأوّل علّة لفعل الاستغفار، و لعلّ النكتة في تقديمه مع كون معلوله مؤخّرا في الرتبة كون التائب عن الكبيرة أفضل من فاعل الصغيرة بلا توبة و إن اشتركا في العفو.
و منها: ما عن البحار عن تحف العقول عن أبي جعفر (عليه السلام) في حديث: من أنّ الإصرار على الذنب أمن من مكر اللّه، و لا يأمن من مكر اللّه إلّا القوم الخاسرون [1] بضميمة ما ورد في غير واحد من الروايات: من عدّ الأمن من مكر اللّه كاليأس من روح اللّه من الكبائر [2] كما ستسمع بعضها.
و منها: ما في ذيل رواية الفضل بن شاذان عن الرضا (عليه السلام)[3] الآتية المتكفّلة لتعداد الكبائر من عدّه الإصرار على الذنوب منها.
في بيان معنى الإصرار:
ثمَّ ينبغي التعرّض لبيان معنى الإصرار و الظاهر إطباق أئمة اللغة على كونه بمعنى اللزوم و المداومة، فعن الجوهري: أصررت على الشيء أدمت و قمت، و عن ابن الأثير: أصرّ على الشيء يصرّ إصرارا إذا لزمه و داومه، و عن الفيروزآبادي:
أصرّ على الأمر لزم، و عن ابن فارس في المجمل قريب من ذلك، و ذكر الهروي في الغريبين ما يقرب منه مع معنى آخر حيث قال: و قوله تعالى وَ لَمْ يُصِرُّوا عَلىٰ مٰا فَعَلُوا الإصرار الإقامة، ثمَّ قال: و يقال: هو المضي على العزم. كما أنّ الظاهر بقاؤه في العرف على معناه اللغوي، و عليه يحمل إطلاقاته الواردة في كلام الشارع كتابا و سنة. و منه قوله تعالى وَ أَصَرُّوا وَ اسْتَكْبَرُوا[4]