و يشهد على ذلك وجدان الانسان، حيث نرى ان يريد انجاز عمل، أو رفع بلية، يخاطب الجمع الكثير بخطاب واحد، يدعوهم به الى ما رامه، و لا يدعو كل فرد منهم بخطاب خاص.
و توهم ان الخطاب الواحد ينحلّ الى خطابات متعددة، لا يرجع الى محصّل، لكفاية الخطاب الواحد بلا حاجة الى انحلال. و لو قلنا بالانحلال في جانب الانشاء، فيجب ان نقول به في جانب الاخبار، فيلزم اذا اخبر عمرو- مثلا- كذبا عن شيء له افراد كثيرة، بأن يقول:
«النار باردة»: أو «أن القوم جاءوا»، مع أنهم لم يجيئوا؛ ان يكذب بعدد أفراد النار و القوم، مع أنه واضح البطلان، بل هو لم يكذب إلا كذبة واحدة.
و يؤيد ذلك ان الاحكام الشرعية شاملة، الكفار و العصاة، مع ان الخطاب الخصوصي بالنسبة اليهم مستهجن، فظهر ان الخطابات المتوجهة الى المكلفين، خطابات قانونية كلية، لا خطابات شخصية.
و الخطاب الواحد المتعلق بالعنوان العام، حجة على الكل، أي كلّ من صدق عليه ذلك العنوان، من دون حاجة الى تعدد الخطاب حسب تعدد المكلفين.
المقدمة السادسة: في الاحكام غير مقيدة بالقدرة شرعا و عقلا:
ان الأحكام الشرعية غير مقيدة بالقدرة، لا شرعا و لا عقلا. و ان كان حكم العقل بالاطاعة و العصيان في صورة القدرة، بل الاحكام