فإنّ أحد تفسيريه: أنّ المراد بتعميرها شغلها بالعبادة.
و في حصر عمارتها في الذين آمنوا باللّه و اليوم الآخر، إشارة إلى اختصاصه بهم، و لا ريب أنّ أهل الحقّ أولى بهذا الوصف من غيرهم.
و المراد من الإيمان باللّه، الإيمان به و بكتبه و برسله و بأوصيائهم.
و عن رسول اللّه (صلى اللّه عليه و آله): «قال اللّه تعالى: إنّ بيوتي في الأرض المساجد، و إنّ زوّاري فيها عمّارها، فطوبى لعبد تطهّر في بيته ثمّ زارني في بيتي، فحقّ على المزور أن يكرم زائره» [1] إلى غير ذلك من الآيات و الأخبار.
و على القول بانتقال الوقف إلى اللّه- سيّما في الجهات العامّة- فالأمر أوضح، و في الآيات و الأخبار دلالة واضحة على الانتقال إلى اللّه في خصوص المساجد.
و ممّن صرّح بالفرق بين المسجد و المدرسة العلّامة (رحمه اللّه) قال في القواعد: «لو وقف مسجدا على قوم بأعيانهم كالفقهاء، فالأقرب عدم التخصيص، بخلاف المدرسة، و الرباط، و المقبرة» [2].
و قال في الإيضاح: «و الأصح عدم صحّة الوقف، يعني في المسجد على قوم بأعيانهم و الفرق بينه و بين المدرسة و الرباط الإجماع على جوازه فيهما؛ و لأنّ اسم المسجد لا يصدق حقيقة إلّا مع العموم، بخلافهما» [3].
و لكنّه قال في التذكرة: «و لو جعل داره مسجدا، أو أرضه مقبرة، أو بنى مدرسة أو رباطا، فلكلّ أحد أن يصلّي، و يعتكف في المسجد، و يدفن في المقبرة، و يسكن في المدرسة بشرط الأهليّة، و ينزل في الرباط، و لا فرق فيه بين الواقف و غيره. و لو شرط في الوقف اختصاص المسجد بأصحاب الحديث أو الرأي أو بطائفة معلومة
[1]. ثواب الأعمال: 47، ح 2؛ وسائل الشيعة 1: 268، أبواب الوضوء، ب 10، ح 5، بتفاوت، و انظر مستدرك الوسائل 1: 299، أبواب الوضوء، ب 10، ح 5.