و قد تراهم الآن يظنّون أنّ أخذها أكثر إباحة من مال الجائر، بل يعتقدون أنّها أبعد من الشّبهة مع عدم احتياجهم إليها أيضا، و ما نرى وجهه، و هم أعرف؛ لعلّ عندهم وجه إباحة وصل إليهم ممّن قوله حجّة، كما يفعلون في أخذ الخراج و المقاسمة.
أقول: و مصرف الجزية كان في حال الحضور مسلّما أنّه المجاهدون.
و أمّا في حال الغيبة، فإنّ عملنا على مطلقات تلك الأخبار و تقتضي جواز أخذه لكلّ المسلمين، كما هو أحد الاحتمالين في الخراج و المقاسمة، و مقتضى إطلاق كلمات الأصحاب و أخبارهم في مسألة الخراج إذا باشره الجائر. و لكنّ كلامهم في تعيين مصرف الخراج في الأصل، و عند حضور الإمام لما كان متّفقا على أنّه لمصالح العامّة، و الأمر فيه إلى الإمام كما دلّت عليه مرسلة حمّاد المشهورة أيضا، فهو يقتضي أن يكون الأخذ له من المصالح العامة.
و لما اخترنا في مسألة الخراج اعتبار إذن الحاكم لو أمكن، فلا بدّ أن يكون من المصالح العامّة، و أن لا يتجاوز الحاكم عن مقتضى الأصل.
و أمّا بدون الإمكان: فلا يبعد العمل على الإطلاق و المداينة مع الجائر بما يدين، و الأخذ و إن لم يكن الأخذ من المصالح العامّة، لكن الأحوط بل الأظهر عدم التعميم.
فحينئذ نقول في أمر الجزية: إذا باشره الجائر فالأمر فيه كما قلنا من الاحتمالين؛ لأجل إطلاق الأخبار، و لأجل مقتضى الأصل، و هو الصرف إلى المجاهدين.
و أمّا لو باشره الحاكم: فالظاهر أنّ مقتضى عموم نيابته عن الإمام أنّه يصرف فيما
[1]. انتهى كلام المحقق الأردبيلي، مجمع الفائدة و البرهان 7: 518، و انظر منتهى المطلب 2: 973، و قواعد الأحكام 1: 117 (الطبعة الحجرية).