و للشهيد الثاني (رحمه اللّه) في المسالك هنا كلام ينبغي التعرّض له، قال المحقّق: «و كذا إن عوّض عنها و لو كان العوض يسيرا».
قال في المسالك: «هذا أيضا من المواضع الموجبة للزومها من الأجنبي» يعني كما أنّ صورة تلف العين في هبة الأجنبي موجب لسقوط الرجوع، فكذلك تعويض الأجنبي عن الهبة موجب للزومها و سقوط الرجوع فيها.
قال: «و هو موضع وفاق من جميع الأصحاب حتّى من المعترض [1]، كما قد عرفت، و مستنده- مع الأدلّة العامّة- خصوص قول الصادق (عليه السلام) في حسنة عبد اللّه بن سنان، قال: إذا عوّض صاحب الهبة، فليس له أن يرجع [2]، و غيرها، و لا فرق في العوض بين القليل و الكثير مع تراضيهما عليه؛ لإطلاق النصّ و الفتوى، و لأنّها تصير بالتعويض معاوضة محضة فتلزم؛ للعموم، و لو لم يرض الواهب باليسير ابتداءً أو بعد العقد، لم يؤثر بذل الموهوب له، كما سيأتي- إن شاء اللّه- تحريره، و لا فرق في العوض بين كونه من بعض الموهوب و غيره عملا بالإطلاق، و لأنّه بالقبض بعد العقد مملوك للمتّهب، فيصحّ بذله عوضا في [3] الجملة» [4].
أقول: و في هذا الكلام تعقيد و إشكال؛ إذ لو كان مراده من «الأدلّة العامّة» مثل:
أَوْفُوا بِالْعُقُودِ[5] و «المؤمنون عند شروطهم» [6] الشامل لعقود المعاوضات، كالبيع،
[1]. في المصدر: «حتّى من المرتضى (رحمه اللّه)» بدلا عن «حتّى من المعترض» و في مسالك الأفهام 6: 31 نقل عن المرتضى قبل ذلك القول بجواز الرجوع في الهبة مطلقا ما لم يعوّض.
[2]. الكافي 7: 33، ح 19؛ تهذيب الأحكام 9: 154، ح 632؛ الاستبصار 4: 108، ح 413؛ وسائل الشيعة 13: 341، أبواب أحكام الهبات، ب 19، ح 1.