و المراد بالكلام: عقد البيع، فإنّه يحلّ نفيا و يحرّم إثباتا، أو يحلّ ثانيا و يحرّم أوّلا؛ إذ المراد أنّ الكلام الّذي جرى بينهما قد يحلّل و قد يحرّم بحسب اختلافه، فإن كان بطريق الالتزام حرمت المعاملة بذلك، و إن كان بطريق المراضاة من دون الزام، و إنّما يحصل الإلزام بعد شراء البائع بعقد مستأنف كانت حلالا.
و ما رواه الشيخ في الصحيح عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سألته عن رجل أتاه رجل، فقال: ابتع لي متاعا لعلّي اشتريه منك بنقد أو بنسيئة، فابتاعه الرجل من أجله، قال: «ليس به بأس، إنّما يشتريه منه بعد ما يملكه» [1].
و ما رواه في الصحيح عن منصور بن حازم، عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) في رجل أمر رجلا يشتري له متاعا فيشتريه منه، قال: «لا بأس بذلك، إنّما البيع بعد ما يشتريه» [2].
أقول: فلنذكر هنا رواية يستعان بها على الجواب عن تلك الأخبار، و هي ما رواه الكليني في الحسن كالصحيح عن عبد الرحمن بن الحجّاج قال، قلت لأبي عبد اللّه (عليه السلام): الرجل يجيئني يطلب المتاع، فأقاوله على الربح، ثمّ أشتريه فأبيعه منه، فقال: «أ ليس إن شاء أخذ و إن شاء ترك؟» قلت: بلى، قال: «لا بأس به»، فقلت: إنّ من عندنا يفسده، قال: «و لم؟!» قلت: قد باع ما ليس عنده، قال: «فما يقول في السلم، قد باع صاحبه ما ليس عنده» فقلت: بلى، قال: «فإنّما صلح من قبل أنّهم يسمّونه سلما، إنّ أبي كان يقول: لا بأس ببيع كلّ متاع كنت تجده في الوقت الذي بعته فيه». [3]
و الظاهر أنّ المراد من قوله (عليه السلام): «تجده» تقدر عليه و إن لم يكن عندك، و أنّ هذا القيد إنّما هو في الحال؛ لعدم اشتراط ذلك في السلم.
قال في الوافي: «و يستفاد منه و ممّا في معناه جواز بيع ما ليس عنده إذا كان ممّا
[1]. تهذيب الأحكام 7: 51، ح 220؛ وسائل الشيعة 12: 376، أبواب أحكام العقود، ب 8، ح 8.
[2]. تهذيب الأحكام 7: 5، ح 218، وسائل الشيعة 12: 376، أبواب أحكام العقود، ب 8، ح 6.
[3]. الكافي 5: 200، ح 4؛ وسائل الشيعة 12: 374، أبواب أحكام العقود، ب 7، ح 3.