الليالي ستريع
(الطويل)
نظم هذه القصيدة سنة 404 في رثاء الملك قوام الدين. و هو يذكر ميله إليه، كما يذكر الخطوب و الهموم التي مرت به.
أظنّ اللّيالي، بعدكم، ستريع، # فمن يبقي لي من رائع فتروع
خذي عدّة الصّبر الجميل، فإنّه # لكلّ نزاع، يا أميم، نزوع
و قد كنت أبكي للأحبّة قد أنى # لقلبي سلوّ، و اطمأنّ و لوع [1]
و لكنّما أبكي المكارم أخليت # منازل منها للنّدى و ربوع
و هل أنا جاز ذلك العهد بالبكا، # و لو أنّ كحل الماقيين نجيع
أبيت و طرّاق الهموم كأنّها # محافل حيّ تنتجي و جموع [2]
أقارع أولى اللّيل عن أخرياته، # كأنّي أقود النّجم، و هو ظليع [3]
و عيني لرقراق الدّموع وقيعة، # لها اليوم من عاصي الشّئون مطيع
بمن تدفع الجلّى، بمن ترفع العلى؛ # بمن تحفظ الآمال، و هي تضيع [4]
بمن ينقع الظّمآن، و هو محلأ؛ # بمن يؤمن المطرود، و هو مروع
هو الرّزء لا يعدو المكارم و العلى، # صلوم لأشراق العلاء جدوع [5]
فأين قوام الدّين للخطب يعتري، # و للدّهر يغدو بالأذى و يروع
و أين قوام الدّين للبيض و القنا، # إذا لم يكن إلاّ اليقين دروع
و أين قوام الدّين للنّيل و القرى، # إذ الجدب معط و السّحاب منوع
[1] أنى: دنا، قرب-سلو: عزاء.
[2] تنتجي: تختص بالمناجاة.
[3] ظليع: يتمايل في سيره، غير مستقر، مائل.
[4] الجلى: الأمر العظيم.
[5] صلوم و جدوع: شديد القطع و سريعه.