فعذرا لأعدائي، إذا كان أقربي # يشذّب من عودي و يعرق من نحضي [1]
إذا ما رمى عرضي القريب بسهمه # عذرت بعيد القوم إمّا رمى عرضي
أ لم يأته أنّي تفرّدت بعده، # روابي للعلياء جاش لها نهضي
و أنّي جعلت الأنف من كلّ حاسد # قبالي و خدّي كلّ مضطغن أرضي [2]
و كم من مقام دون مجدك قمته # على زلق بين النّوائب أو دحض [3]
و قارعت من أعياك قبل قراعه، # فدامجني بعد التّشاور و البغض [4]
لقد أمست الأرحام منّا على شفا، # فأخلق بمشف لا يعلّل أن يقضي
رأيت مخيلات العقوق مليحة، # فلا تجعلن برق الأذى صادق الومض [5]
و لا تشمتن من ودّ لو أنّنا معا # شحيحان تلطينا الجنادل بالأرض [6]
إذا كنت أغضي، و القواذع جمّة، # فمثلك أولى أن يرمّ و أن يغضي [7]
على غصص لو كنّ في البدر لم ينر، # و في العود لم يورق و في السّهم لم يمض
رزئتك حيّا بالقطيعة و القلى، # و بعض الرّزايا قبل يوم الفتى المقضي
أناديك فارجع من قريب؛ فإنّني # إذا ضاق بي ذرعي مضيت كما تمضي
لقد كان في حكم الوشائج لو رأى # عن المجد بطئي أن يبالغ في حضّي
فكيف و لم تخرج مناديح همّتي، # و لا ذمّت العلياء بسطي و لا قبضي [8]
إذا هو أغضى ناظريّ على القذى، # و كان لمثلي مسخطا فلمن يرضي
[1] يعرق من نحضي: يأكل من لحمي. يشير في هذا البيت الى ما لقيه من أقرب الناس إليه، و الذي كان دافعا لقول هذا الشعر.
[2] القبال: زمام النعل-مضطغن: حاقد.
[3] الدحض: المكان الزلق.
[4] دامجني: وافقني.
[5] مخيلات: علامات-مليحة: ظاهرة.
[6] تلطينا: تلزقنا.
[7] القواذع، من قذعه: رماه بالفحش-يرم: يصلح.
[8] المناديح، جمع مندوحة: السعة.