و أغرّ الخلق، و الخلق له # نسب ردّد في السّيف مرارا
و بياض الخلق أعلى رتبة # من بياض زان وجها و عذارا
سل بقوم نزل الدّهر بهم، # فأساء اللّبث فيهم و الجوارا
لم تكن علياؤهم منحولة # أبد الدّهر، و لا المجد معارا
طيبو الأردان إن جالستهم # قلت داريّون قد فضّوا العطارا [1]
كان نثر المسك باقي عهدهم، # و عهود النّاس دمنا و ذئارا [2]
ناب عرف الطّيب عن نار القرى # في لياليهم، إذا الطّارق حارا [3]
ضرب المجد عليهم بيته # و غدوا دون حمى المجد إطارا
شذّبت أيدي اللّيالي منهم # عددا لا يرأم الضّيم كثارا [4]
عانقوا الهضب، و كانوا هضبة # لا يلاقي عندها السّل قرارا
صدع المقدار فيهم صدعة # منبذ القعب أبى إلاّ انكسارا [5]
لم تكن ختلا، و لكن غارة # أمن الشّلّة من لاقى العوارا [6]
قد نزلنا دار كسرى بعده # أربعا ما كنّ للذّلّ ظئوارا [7]
أسفرت أعطانها عن معشر # شغلوا المجد بهم عن أن يعارا [8]
[1] الأردان: الأكمام، الأجواء-داريون: نسبة الى دارين و هو بلد مشهور بمسكه.
[2] الدمن: الزبل و الروث-الذّئار: الزبل قبل خلطه بالتراب.
[3] الطارق: السائر ليلا.
[4] يرأم الضيم: يألفه.
[5] منبذ، من نبذه: طرحه و رمى به لقلة الاحتفال به-القعب: القدح الضخم.
[6] الشلّة: أن يصيب الثوب سواد لا يذهب بالغسل-العوار: الخرق و الشق بالثوب.
[7] ظؤار: من الظئر أي المرضعة، أي انهم بعيدون عن كل ذلك.
[8] الأعطان: مكان نزول الابل قرب الماء، و أراد الساحات و الأبهاء.