حننت إليكم
(الطويل)
هوى لكما إنّ الشّباب يعاد؛ # و إنّ بياض العارضين سواد
و إنّ اللّيالي عدن، و الحيّ جيرة، # كما كنّ، أم لا!ما لهنّ معاد
حننت إليكم حنّة النّيب أصبحت # تلوب على الماء الرّوى و تذاد [1]
توان بأعناق الغليل، و قد حوى # مشارعه عذب الجمام بردا [2]
دع الوجد يبلغ ما أراد، فما الهوى # بدان، و لا عهد الدّيار معاد
و إنّ بذاك الجزع وحشا غريرة، # تصيد، و أعيا النّاس كيف تصاد [3]
إذا أنبض الرّامي رمين فؤاده، # فظلّ، و لم يملك لهنّ قياد [4]
غداة وقفنا، و الدّموع مرشّة، # كأنّ عيون الواقفين مزاد
أبى طول همّ أن تكون مضاجع، # و غزر دموع أن يكن رقاد
فبين ضلوعي و الهموم تقارع؛ # و بين جفوني و المنام طراد
لهم كلّ يوم، و النّوى مطمئنّة، # سليم له يوم الفراق عداد [5]
فيا بين لم تنفع إليك وسيلة، # و يا وجد لم يسلم عليك فؤاد
حلفت بأيديهنّ في كلّ مهمه، # عليهنّ من باقي الظّلام سواد
كأيدي العذارى الفاقدات تدارعت # للدم الطّلى أطمارهنّ حداد [6]
[1] النيب: جمع ناب: الناقة المسنّة-تلوب: تحوم حول الماء-الروى:
الماء الغزير-تذاد: تدفع، تمانع.
[2] المشارع: موارد الماء-الجمام: الماء الكثير المجتمع-البراد: البارد.
[3] وحشا غريرة: غزالة فتية، أراد بها الحبيبة.
[4] أنبض الرامي: شدّ وتر القوس.
[5] السليم: الملدوغ-العداد: الجنون، وقت الموت.
[6] تدارعت: لبست دروعها أي قمصانها-اللدم: اللطم-الطلى: الاعناق -أطمارهن: ثيابهن الرثة.