إن عاين النّقعين أنكر قلبه، # و نجا بناصية الطّمرّ الأجرد [1]
لو عيد من داء الفهاهة واحد # عادوه من عيّ إذا حضر النّدي [2]
متقدّم في لؤمه ميلاده، # و من الخمول كأنّه لم يولد
قل للّذي بالغيّ سوّى بيننا: # أين الغبار من الجبال الرّكّد
لا تدنينّ مواربين دعوتهم # يوم الطّعان فسوّفوك إلى الغد
تركوا القنا تهفو إليك صدوره، # و القوم بين مهلّل و مغرّد
حتّى اتّقوا بك ثمّ فاغرة الرّدى، # فنجوا، و أنت على طريق المزرد [3]
قذفوك في غمّائها، و تباعدوا # عنها، و قالوا: قم لنفسك و اقعد
قطع الزّمان قبال نعلك، فانتعل # أخرى تقيك من العثار و جدّد [4]
يصل الذّليل إلى العزيز بكيده، # و الشّمس تظلم من دخان الموقد
و اشدد يديك إلى الوغى بمغامر # ندب، لعادات الطّعان معوّد
لم ينتقش شوك القنا من جلده # في الرّوع إلاّ بالقنا المتقصّد [5]
من كلّ مربدّ النّجيع إذا علت # نغراتها قطعت حضور العوّد [6]
إن سوّموه إلى الرّهان، فإنّما # مسحوا جبين مقلّد لمقلّد
ما عذر من ضربت به أعراقه، # حتّى بلغن إلى النّبيّ محمّد
أن لا يمدّ إلى المكارم باعه، # و ينال منقطع العلى و السّؤدد
[1] الطمر: الجواد الطويل القوائم. أي إن رأى الغبار الكثيف خاف و فر على ظهر جواد سريع.
[2] الفهاهة: العي و الوهن في النطق.
[3] المزرد: مصدر ميمي من زرده أي خنقه.
[4] قبال الحذاء: الزمام الذي يشدّه، سيره.
[5] القنا المتقصد: الرمح النافذ.
[6] مربد النجيع: الدم المائل الى الغبرة-النغران: الصوت الذي يحدثه جيشان الدم و سيلانه من جوف الطعنة-العوّد: الذين يعودون المريض، يزورونه.