و مضاغن ملآن يكتم غيظه # جزعا، كما كتم المزاد الماء [1]
متحرّق، فإذا رأتك لحاظه # نسيت مجامع قلبه الشّحناء
و أما وجودك، إنّه قسم لقد # غمر القلوب و أنطق الشّعراء [2]
و أنا الّذي و اليت فيك مدائحا، # و عبأت للباغي عليك هجاء [3]
و نفضت إلاّ من هواك خواطري # نفض المشمّر بالعراء وعاء [4]
فاسلم، و لا زال الزّمان يعيرني # طمعا يمدّ إلى نداك رجاء
أبكيك
(الكامل)
نظم هذه القصيدة في رثاء والدته فاطمة بنت الناصر، و قد توفيت في ذي الحجة سنة 385.
أبكيك لو نقع الغليل بكائي، # و أقول لو ذهب المقال بدائي [5]
و أعوذ بالصّبر الجميل تعزّيا، # لو كان بالصّبر الجميل عزائي
طورا تكاثرني الدّموع، و تارة # آوي إلى أكرومتي و حيائي [6]
[1] مضاغن: حاقد-المزاد: الراوية.
[2] أما: أمّا مخفّفة للضرورة.
[3] عبأت: هيّأت.
[4] العراء: المكان المتسع لا ستر فيه.
[5] نقع: أروى-الغليل: شدة الحزن و حرارته-أي لو أن البكاء يروي غليلي و يخفف حرارة حزني لما كنت أتوقف عن البكاء، و لو أن الكلام يذهب بداء الحزن و يريحني منه لما كنت أكف عن الحديث.
[6] الأكرومة: فعل الكرم.