و روعة يوم النّحر، و الهدي حائر، # و كلّ دم أودى بجمّته الرّكب [1]
لقد جلّ ما بيني و بينك عن قلى، # سواء تدانى البعد أو بعد القرب [2]
ولي دمع عين لا يرنّق ساعة، # و نار غرام بين جنبيّ لا تخبو [3]
و قلب يمور الطّرف إن قرّ في الحشا، # و طرف، إذا سكّنته نفر القلب [4]
و جسم، إذا جرّدته من قميصه # على الناس قالوا: هكذا يفعل الحبّ
فما لي على ما بي أعنّف في الهوى، # و يرمضني العذل المؤرّق و العتب [5]
على حين أعطيك الوفاء مصرّحا، # و أصفيك محض الودّ ما عظم الخطب
و كنت، إذا فارقت دارك ساعة، # صمتّ، فلا جدّ لديّ و لا لعب
ألا ليت شعري هل أبيتنّ ليلة # بميثاء يلطى في أباطحها التّرب [6]
تطرّقها ماء الغمام و درّجت # بها الرّيح مخضرّا كما نشر العصب [7]
و هل أذعرن قلب الظّلام بفتية # تهاوى بهم قود السّوالف أو قبّ [8]
و هل أردن ماء وردنا بمثله # جميعا و في غصن الهوى ورق رطب
و هل لي بدار أنت فيها إقامة، # فأنشر ما تطوي الرّسائل و الكتب
سلوت المعالي إن سلوتك ساعة، # و ما أنا إلاّ مغرم بالعلى صبّ
[1] يوم النحر: هو اليوم العاشر من ذي الحجّة.
[2] جلّ: عظم-القلى: البغض.
[3] يرنّق: يضعف، يتوقف.
[4] يمور: يجري-الطرف: العين.
[5] يرمقني: يحرقني-العذل و العتب: اللوم.
[6] الميثاء: الأرض السهلة-يلطى: يلزق.
[7] العصب: اللبلاب الطيب الرائحة.
[8] أذعر: أخيف-القود، جمع أقود: الذليل المنقاد-السوالف: أي الخيل ذات السوالف، و سالفة الفرس ما تقدم من عنقه-القب: الضوامر.
غ