قنعت
(الطويل)
هل الطّرف يعطي نظرة من حبيبه، # أم القلب يلقى راحة من وجيبه [1]
و هل للّيالي عطفة بعد نفرة، # تعود فتلهي ناظرا عن غروبه
و للّه أيّام عفون كما عفا # ذوائب ميّاس العرار رطيبه [2]
أحنّ إلى نور الرّبى في بطاحه، # و أظما إلى ريّا اللّوى في هبوبه [3]
و ذاك الحمى يغدو عليلا نسيمه # و يمسي صحيحا ماؤه في قليبه [4]
حببت لقلبي ظلّه في هجيره # إذا ما دجا أو شمسه في ضريبه [5]
و عهدي بذاك الظّبي إبّان زرته، # رعاني، و لم يحفل بعيني رقيبه
و حكّم ثغري في إناء رضابه، # و أدنى جوادي من إناء حليبه
هو الشّوق مدلولا على مقتل الفتى # إذا لم يعد قلبا بلقيا حبيبه
تهيّرني تلويح وجهي، و إنّما # غضارته مدفونة في شحوبه
فربّ شقاء قد نعمنا بمرّه، # و ربّ نعيم قد شقينا بطيبه
و لو لا بواقي نائبات من الرّدى # غفرت لهذا الدّهر ماضي ذنوبه
و إنّي لعرفان الزّمان و غدره # أبيت و ما لي فكرة في خطوبه [6]
و أصبح لا مستعظما لعظيمه # بقلبي، و لا مستعجبا لعجيبه
يغمّ الفتى ذكر المشيب، و ربّما # ليلقى انقضاء العمر قبل مشيبه
[1] الوجيب: الخفقان.
[2] العرار: نبت طيب الرائحة.
[3] النّور: الزهر-ريّا: رائحة-اللوى: ما التوى من الرمل.
[4] القليب: البئر.
[5] الهجير: شدّة الحر-الضريب: الثلج و الصقيع و الجليد.
[6] العرفان: المعرفة-خطوبه: تقلباته، مصائبه.