السلام بورقة خضراء فرماه بها، فذهب بصره، قال، و خرج في اليوم [1] الذي واعده فيه ابنه، و معه غلام له، فأتاه جبريل (عليه السلام) و هو قاعد في أصل شجرة، فجعل ينطح برأسه، و يضرب وجهه بالشّوك، فاستغاث بغلامه فقال له غلامه: ما أرى أحدا يصنع بك شيئا غير نفسك، حتى مات [2]، و كان يقول قتلني ربّ محمد، و كان يقال إنه بقي حتى قتل ولده يوم بدر و أثكله، ثم مات.
و منهم الوليد بن المغيرة المخزومي مرّ على أنبل [3] لرجل من بني خزاعة قد راشها [4]، و قد جعلها في الشمس، فوطئها، فانكسرت، فتعلق به سهم منها فأصاب أكحله فقتله.
و منهم: الأسود بن عبد يغوث خرج من أهله فأصابه السّموم، فاسودّ حتى عاد حبشيا، فأتى أهله فلم يعرفوه، فأغلقوا دونه الباب حتى مات و هو يقول قتلني ربّ محمد. فقتلهم اللّه جميعا كل رجل بغير قتل صاحبه، فأظهر رسول اللّه (صلى اللّه عليه و سلم) أمره و أعلنه بمكة.
فأما قصة دخول بني هاشم شعب أبي طالب لما تحالفت قريش على أن لا يبايعوا بني هاشم و لا يناكحوهم و لا يخالطوهم و ما في ذلك من دلالته على نبوته [5](صلى اللّه عليه و سلم).
[1] في الأصل «خرج ابنه في اليوم ...» و الصواب ما أثبتناه، لأنه كان قد خرج ليستقبل ولده و قد قدم من الشام.
[2] و روي «حتى خرجت عيناه» كما في السيرة الحلبية 1/ 348.
[3] النبل: السهام العربية و هي مؤنثة لا واحد لها من لفظها و تجمع على نبال و أنبال و نبلان، أما جمعها على «أنبل» فلم أجده.