الفصل السّادس عشر [1] في ذكر ما دار بينه و بين المشركين لما أظهر الدعوة، و ما جرى عليه من أحواله إلى أن هاجر، و ما كان من صبره على بلوى الدعوة و احتمال الأذية و إيراد الآيات و البراهين عليها
و كان (صلى اللّه عليه و سلم) فيما قاله عروة بن الزبير و ابن شهاب و محمد بن إسحاق من حين أنزل عليه اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ- العلق 1- إلى أن كلف الدعوة و إظهارها فيما أنزل عليه فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ وَ أَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ- الحجر 94- وَ أَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ[2]وَ قُلْ إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ- الحجر 89- ثلاث سنين، لا يظهر الدعوة إلا للمختصين به، منهم: خديجة و أبو بكر و علي و زيد و غيرهم رضي اللّه عنهم، ثم أعلن الدعوة و صدع بها بأمر اللّه نحو عشر سنين، فكان عمّه أبو طالب له حاميا، و عنه دافعا و ذابّا، فعظم عليه (صلى اللّه عليه و سلم) و على أصحابه من أجابه إليها البلاء، و اشتد، و منعوا من إظهار التوحيد و التصديق، و يعذّبون و يهانون إلى أن أذن اللّه لهم في هجرة الحبشة، فكان عثمان بن عفان و جعفر بن أبي طالب، و أبو سلمة بن عبد الأسد و جماعة كثيرة، خرجوا إلى النجاشي، فأحسن مجاورتهم، و أخرج المشركون عمرو بن العاص و عمارة بن الوليد إلى