الفصل الخامس عشر [1] ذكر أخذ القرآن و رؤية النبي (صلى اللّه عليه و سلم) بالقلوب حتى دخل كثير من العقلاء في الإسلام في أول الملاقاة
إن اللّه عز و جل، جلت عظمته، أيّد محمدا (صلى اللّه عليه و سلم) بما لم يؤيد به أحدا من العالمين، و خصّه من خصائصه بما يفوق حدّ كرامات الأنبياء، و مراتب الأولياء، فكانت علامات النبوة على حسب منزلته، و محلّه عند اللّه، فليس من آية و لا علامة أبدع و لا أروع من آيات محمد (صلى اللّه عليه و سلم)، و هو القرآن المبين، و الذكر الحكيم، و الكتاب العزيز الذي لم يجعل له عوجا قيّما، أنزله عليه في أوان و زمان فيه الخلق الكثير، و الجمّ الغفير، أولو الأحلام و النهى، و الأفهام و الألسن الحداد، و القرائح الجياد، و العقول السداد، أولو الحنك [2] و التجاريب، و الدهاء و المكر، فلما سمعوا القرآن قدّروا أنّ في وسعهم معارضته فقالوا لَوْ نَشاءُ لَقُلْنا مِثْلَ هذا إِنْ هذا إِلَّا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ- الأنفال 31-.
فتحداهم (صلى اللّه عليه و سلم) بالقرآن يقرع به أسماعهم مع ما لهم من الفصاحة و اللسان، و البلاغة و البيان، أن يأتوا بسورة يخترعونها بأهون سعي و أدنى