أمّا الطبعة الثانية فقد أصدرت سنة «1369» ه و قد استفاد مصدروها من نسخة «برلين» كما يظهر من بعض الهوامش، كما أنّها حملت بعض التحقيقات و التعليقات القيمة، التي زادت من القيمة العلمية للطبعة.
و الأمر الذي نستغربه هو أنّ الكتاب في كلا الطبعتين حمل اسم «دلائل النبوة» و كان من المفروض أن يحمل اسم «المنتخب من دلائل النبوة».
و لا نقبل القول أنّ الذين نشروا الكتاب و أشرفوا على إخراجه ظنوا أنّ هذا المنتخب هو نفسه (دلائل النبوة) الأصلي، لأنّ هذه غلطة لا تصدر عن عالم، و الذين أخرجوا الطبعة الثانية جماعة من العلماء كما يظهر من تعليقاتهم عليها، و لأنّ كتاب الخصائص الكبرى للسيوطي و فتح الباري و غيرهما من كتب الحديث مليئة بالنقول عن دلائل النبوة لأبي نعيم مع أنّ كثيرا من هذه النقول غير موجودة في المنتخب
القيمة العلمية لمنتخب دلائل النبوة:
طالما أنّ الذي طبع و ظهر للناس ما هو إلّا منتخب من دلائل النبوة، و أن الأصل- أعني دلائل النبوة الأصلي المطول- مفقود، و لا يوجد إلّا الجزء الأول منه، فإنّ السؤال الطبيعي الذي يجب أن يسأل هو: ما هي القيمة العلمية لهذا المنتخب؟.
و للجواب على هذا السؤال لا بدّ لنا من أن نقارن بين ما وصلنا من الأصل المطوّل و ما يقابله من المنتخب لنستخلص الخطة التي كان يسير عليها من صنع هذا المنتخب.
و قد أجرينا هذه المقارنة فعلا بين الجزء الأول من الأصل المطول المحفوظ في دار الكتب المصرية و ما يقابله من المنتخب فتبين لنا أنّ المنتخب كان يمشي حسب الخطة التالية:
1- حذف الروايات المتعددة و الاكتفاء بذكر رواية واحدة، و تكون الرواية المذكورة أشمل هذه الروايات و أوضحها في الغالب.