باب زهده (صلّى اللَّه عليه و سلم) و بذلك يوزن الزّهد و به يحدّ
قال اللَّه تعالى: وَ لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَ رِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَ أَبْقى [ (2)].
قال بقيّة بن الوليد، عن الزّبيدي، عن الزّهريّ، عن محمد بن عبد اللَّه بن عبّاس قال: كان ابن عبّاس يحدّث أنّ اللَّه تعالى أرسل إلى نبيّه (صلّى اللَّه عليه و سلم) ملكا من الملائكة معه جبريل، فقال الملك: إنّ اللَّه يخيّرك بين أن تكون عبدا نبيّا، و بين أن تكون ملكا نبيّا، فالتفت النّبيّ (صلّى اللَّه عليه و سلم) إلى جبريل كالمستشير له، فأشار جبريل إلى رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و سلم) أن تواضع، فقال رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و سلم): «بل أكون عبدا نبيّا» قال: فما أكل بعد تلك الكلمة طعاما متّكئا حتى لقي ربّه تعالى [ (3)].
و قال عكرمة بن عمّار، عن أبي زميل، حدّثني ابن عبّاس، أنّ عمر رضي اللَّه عنه قال: دخلت على رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و سلم) في خزانته، فإذا هو مضطجع على حصير، فأدنى عليه إزاره و جلس، و إذا الحصير قد أثّر بجنبه، فقلّبت عيني في خزانة رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و سلم)، فإذا ليس فيها شيء من الدنيا غير قبضتين- أو
[ (1)] روى نحوه ابن ماجة في إقامة الصلاة، و السّنّة فيها (899) و (900) و (901) و في الأخير عن أبي موسى الأشعري.