شبهة تنجّز الواقع المشكوك:

و أمّا الاعتراض الثالث فقد اجيب‌ [1]: بأنّ تصحيح العقاب على‌ التكليف الواقعيّ الذي أخبر عنه الثقة بلحاظ حجّية خبره لا ينافي قاعدة قبح العقاب بلا بيان؛ لأنّ المولى‌ حينما يجعل خبر الثقة حجّةً يعطيه صفة العلم و الكاشفية اعتباراً على‌ مسلك الطريقية المتقدم، و بذلك يخرج التكليف الواقعيّ عن دائرة قبح العقاب بلا بيان؛ لأنّه يصبح معلوماً بالتعبّد الشرعي؛ و إن كان مشكوكاً وجداناً.

و نلاحظ على‌ ذلك: أنّ هذه المحاولة إذا تمّت فلا تجدي في الأحكام الظاهرية المجعولة في الاصول العملية غير المحرزة، كأصالة الاحتياط [2]؛ على‌ أنّ المحاولة غير تامّة، كما يأتي إن شاء اللَّه‌

[1] يمكن استفادة ذلك ممّا جاء في أجود التقريرات 3: 24

[2] يعني أصالة الاحتياط المجعولة شرعاً- كما في مثل موارد النفوس و الأعراض- فإنّ المحقّق النائيني (رحمه الله) إنّما ذهب إلى مسلك جعل الطريقيّة في باب الأمارات لا في باب الاصول العمليّة، أمّا في باب الاصول العمليّة فهو يؤمن بأنّ الحكم الظاهريّ يحدّد الوظيفة العمليّة للإنسان الشاكّ مباشرةً من دون جعل الطريقيّة و الكاشفيّة، فيرد عليه إشكال تنجيز الواقع المشكوك في موارد الاصول العمليّة المثبتة للتكليف- كأصالة الاحتياط الشرعيّة- نعم في قسم من الاصول العمليّة- و هو ما يسمّى بالاصول العمليّة المحرزة- ذهب المحقّق النائيني (رحمه الله) إلى ما يقرب من مسلكه في باب الأمارات، كما سيأتي توضيحه إن شاء اللَّه تعالى‌