الحق (2): أنه لا دلالة للصيغة، لا على الفور و لا على التراخي، نعم؛ قضية إطلاقها
في الفور و التراخي
(1) قبل الخوض في البحث ينبغي بيان محل النزاع و هو: أن الأمر بنفسه مع عدم القرينة الخارجية هل يقتضي الفور بمعنى: المبادرة للامتثال في الزمن الثاني من الخطاب، أو في أول أزمنة الإمكان؟ كما عن الشيخ الطوسي «(قدس سره)» و أتباعه، أو التراخي بمعنى: جواز التأخير، أو أنه مشترك بينهما؟ كما عن علم الهدى «(قدس سره)»، أو أنه لا يدل على شيء منهما و ليس مشتركا بينهما؟ كما هو الحق عند المصنف «(قدس سره)».
ثم ظاهر المصنف و صريح الفصول: أن النزاع في هذا المبحث هو كالنزاع في المبحث السابق، فعند المصنف يكون جاريا في مجموع الهيئة و المادة، و عند الفصول يكون جاريا في خصوص الهيئة فقط.
(2) أي: الحق عند المصنف «(قدس سره)» هو: عدم دلالة الصيغة على شيء منهما، و ليس ذلك من جهة الاشتراك و الحاجة إلى القرينة المعيّنة؛ بل من أنها لا تدل إلّا على طلب الطبيعة المأمور بها المجردة عن التقييد أصلا.
و لازم ذلك: عدم لزوم الفور و لا التراخي لا شرعا في مقام الجعل، و لا عقلا في مقام الامتثال.
و أمّا في مقام الجعل: فلخروجهما عن مفاد المادة و الهيئة و نحوهما مما يدل على المكلف به و التكليف؛ إذ لا دلالة للمادة إلّا على الماهية الصادقة بنحو واحد على الأفراد الطولية و العرضية، و مقتضى إطلاقها: الاجتزاء بكل منهما كما أشار إليه المصنف بقوله:
«نعم؛ قضية إطلاقها» حيث يكون هذا استدراكا من قوله: «لا دلالة للصيغة» بمعنى: أن الصيغة و إن كانت لم تدل بمادتها و هيئتها على وجوب شيء من الفور و التراخي؛ إلّا إن إطلاقها مع كون المتكلم في مقام البيان دليل على عدم مطلوبية الطبيعة المأمور بها بشيء؛ من الفور و التراخي، و لازم ذلك هو: جواز التراخي؛ هذا دلالة الصيغة من حيث المادة.
و أما من حيث الهيئة التي تدل على التكليف: فهي لا تدل إلّا على البعث نحو المكلف به، و طلبه على ما هو عليه من السعة، فلا تقتضي وجوب خصوص فردها السابق زمانا بنحو وحدة المطلوب أو تعدده، فحينئذ لا مجال لاستفادة الفور من نفس الخطاب لا من جانب المادة و لا من جانب الهيئة، يقول المصنف: «و الدليل عليه» أي: