و الحاجة و إن دعت أحيانا إلى استعمالها في الناقص أيضا إلّا إنه لا يقتضي أن يكون بنحو الحقيقة، بل و لو كان مسامحة، تنزيلا للفاقد منزلة الواجد. و الظاهر: أن الشارع غير متخط عن هذه الطريقة.
و لا يخفى: أن هذه الدعوى و إن كانت غير بعيدة، إلّا انها قابلة للمنع، فتأمل (1).
و قد استدل للأعمي أيضا، بوجوه:
منها: تبادر الأعم (2)، و فيه (3): أنه قد عرفت الإشكال في تصوير الجامع الذي لا بد منه، فكيف يصح معه (4) دعوى التبادر؟
و ملخص ردّ المصنف على هذا الوجه: أن هذه الدعوى و إن كانت غير بعيدة في حد ذاتها إلّا إنها قابلة للمنع، لأن هذا الوجه يتوقف على إثبات ما ذكرناه من الأمور الثلاث، و إثباتها دونه خرط القتاد.
(1) لعله إشارة إلى وجه المنع. و هو أنّ هذا الوجه مبني على أمرين:
أحدهما: كون وضع ألفاظ العبادات كأسماء المركبات الخارجية. و قد مرّ فساد قياس ألفاظ العبادات بالمركبات الخارجية، في تصوير الجامع.
و ثانيهما: العلم بعدم تخطي الشارع عن طريقة الواضعين و فيه: أنه لا سبيل إلى هذا العلم لا من النقل و لا من العقل، فدعوى: عدم تخطي الشارع عن طريقة الواضعين- بعد تسليم بنائهم على وضع ألفاظ المركبات للمركبات التامة- ليست إلّا تخرصا بالغيب.
أدلة الأعمي:
الدليل الأول هو: التبادر
(2) أي: تبادر الأعم من ألفاظ العبادات عند اطلاقها، لأنه إذا قيل: «زيد صلّى» كان المتبادر منه الجامع بين الصحيح و الفاسد، و هو من علامات الوضع و الحقيقة.
(3)
مخلص ما في التبادر من الإشكال:
أولا: تبادر الأعم ينافي ما تقدم من دعوى تبادر الصحيح.
و ثانيا: أن تبادر الأعم لا يعقل إلّا بعد وجود الجامع. و قد عرفت الإشكال في تصويره، بل يمكن أن يقال: بامتناع تبادر الأعم بعد ما تقدم من امتناع تصوير الجامع على القول بالأعم.
(4) أي: لا يصح- مع ما عرفت من الإشكال في تصوير الجامع- «دعوى التبادر» أي: تبادر الجامع بين الصحيح و الفاسد. فالاستفهام إنما للإنكار.