اختلفت الامة- بعد اتفاقهم على التخطئة في العقليات- في الشرعيات، فذهبت العامة الى التصويب، و الخاصّة الى التخطئة. و مجمل الكلام ان للتصويب بحسب التصوّر ثلاثة وجوه، بعضها باطل عقلا، و بعضها باطل شرعا:
الاوّل ان يكون الحكم مطلقا تابعا لقيام الأمارة، و كان قيام الأمارة قطعا كانت او ظنا محدثا للحكم، و هذا مستلزم للدور في نظر القاطع و الظّانّ.
الثاني ان يكون الحكم تابعا لقيامها، لكن كان قيامها كاشفا عن جعل الحكم سابقا على قيامها، و هذا و ان كان سالما عن الدور و عن محذور عقلي آخر، حتى في الظن، غاية الامر لزوم انقلابه في مرحلة البقاء علما، و لا محذور فيه، لكن انعقد اجماع الامامية على بطلانه.
الثالث ان يكون الحكم الواقعي مشتركا بين العالم و الجاهل، لكن كان قيام الأمارة على الخلاف موجبا لشأنيته و انكسار مصلحته في جنب مصلحة هذا العنوان الطاري، و هذا ايضا و ان لم يستلزم محذور الدور؛ اما بالنسبة الى الحكم الواقعي فواضح، و اما بالنسبة الى الحكم الثانوي المخالف فلأن الدور انما يلزم من اخذ العلم او الظن في موضوع شخص الحكم المتعلق لهما، لا في مثله، و المقام من الثاني
لكن قد ادّعي الاجماع ايضا على بطلانه، مضافا إلى كونه خلاف ظاهر الادلة؛ من عدم ايراث الامر الظاهريّ مصلحة في متعلقه اصلا، و كونه ممحضا في الطريقية.