أخر اقتضت اظهار الحكم على خلاف ما هو ثابت في الواقع، و الثالث احراز ظواهر الالفاظ و تشخيص ما هو المتفاهم منها عرفا، و الرابع احراز ان الظواهر منها مرادة للمتكلم، و هذا البحث انعقد للاول من هذه الامور، و الثلاثة الاخيرة بين ما يكون مفروغا عنه و ما يكون محلا للنظر.
ثم لا يخفى ان موضوع النزاع في هذا المبحث ليس إلّا في الخبر الواحد، اذ ليس النزاع هنا الا في حجيته و عدمها، فلا وجه لجعل الموضوع هو السنة الواقعية و جعل النزاع في ثبوته بالخبر الواحد تحفظا لموضوع علم الاصول، لان الالتزام بكون الموضوع في هذا العلم هو الادلة الاربعة ليس له ملزم، و قد اشبعنا الكلام في ميزان علم الاصول و الفقه في اول الكتاب.
[أدلة المانعين عن حجية الخبر الواحد و الجواب عنها]
و كيف كان فاستدل المانع بالآيات الناهية عن العمل بغير العلم، و منها التعليل المذكور في ذيل آية النبأ، و الروايات الدالة على عدم قبول الخبر المخالف للكتاب، و ردّ ما لم يوافقه، و انه باطل زخرف، و الاجماع المحكى من السيد، بل المحكى عنه انه بمنزلة القياس في كون تركه معروفا لدى الاصحاب.
و الجواب اما عن الآيات فبأنها بعد تسليم دلالتها عمومات قابلة للتخصيص، و بعد دلالة الدليل على حجية الخبر تخصص به، بل الدليل الدال على حجية الخبر حاكم على تلك العمومات، لان لسان تلك الادلة جعل مفاد الخبر بمنزلة الواقع.
و اما عن التعليل المذكور في آية النبأ فيأتى عند ذكرها ان شاء اللّه.
و اما عن الاخبار فبانها بين طوائف:
منها ما يدل على عدم جواز العمل بالخبر الواحد عند التعارض، و هذه الطائفة- مع انها اخبار آحاد لا يجوز التمسك بها لعدم حجية الخبر الواحد- لا تثبت المنع عن العمل مطلقا.
و منها ما يدل على وجوب العرض على الكتاب، و هو بين طائفتين: إحداهما ما يدل على طرح الخبر الذي يخالف الكتاب، و الثانية ما يدل على طرح الخبر