responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : خزانة الأدب و غاية الإرب نویسنده : ابن حجة الحموي    جلد : 1  صفحه : 183

النبويّ المسيطر على الأدب آنذاك، إذ إنّ هذين العملين فتحا القلوب للبديعيّات كونها مديحا نبويّا، و لفنون البديع بشكل خاصّ، و علوم البلاغة بشكل عامّ.

و بهذه المحبّة البالغة تلقّى الناس «البديعيات» بقبول حسن، و احتضنوها و رحّبوا بها، فتسابق الشعراء إلى نظمها و قد رأوا فيها الغاية المثلى التي ينشدون، و الهديّة الرائعة التي يتقدّمون بها إلى أولي الأمر، كما أقبل الشرّاح على مواردها، و ما ذاك الحشد من «البديعيات» و ذلك الجمع من «الشروح» الذي تلقّاه الناس متتاليا عبر سبعة قرون من عمر هذا التراث إلاّ دليل على تقبّل جمهور الناس لهذا الفنّ، و إقبالهم عليه، و رضاهم عن فاعليه الذين حرصوا كلّ الحرص على امتلاك قلوب الناس و تحريك عواطفهم ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا. كما أنّ حضّ أولي الأمر على نظم هذا الفنّ و حرصهم عليه، تقرّبا و زلفى لدى الناس، لدليل واضح على مكانة هذا الفن في نفوس الناس و تأثيره فيهم.

و هكذا غدت «البديعيات» قصائد شعبيّة، و غدت البلاغة معها فنّا شعبيّا، لما حملته في ثناياها من فنون البديع بعد أن كانت علما متربّعا في برج عاجيّ لا يدركه إلاّ خواصّ المثقّفين، ثمّ صار للبديعيات أثر متتابع مطّرد لدى الناس على تقبّل كلّ جديد من هذا الفنّ لما تحمله من صلات و روابط بقلوب الجماهير، و لعلّ في ذلك إشارة إلى سيطرة طابع الصنعة البديعية على الحياة الأدبية لما انطبع في الذوق العام من صنعة و زخرفة، جعلته يتقبّل هذه الصنعة المتمثّلة في هذا الفنّ، و من هنا تبدو علاقة التأثير و التأثّر متبادلة بفضل تلك «البديعيات» ، فالتقى الناس مع البلاغة، و البديع خاصة، و الشعراء مع الناس، في موكب «البديعيات» .

2-ترسيخ أسس البديع و تأكيد انفصاله عن علمي «البيان» و «المعاني» :

سبق في الفصل الأوّل من هذه الدراسة أن تكلّمت على نشأة البلاغة العربية و اتّحاد أقسامها (البيان و المعاني و البديع) و انقسامها.

فقد كانت «البلاغة» ترادف «الأدب» ثمّ تحوّلت منذ «بيان» الجاحظ إلى جملة من المقاييس الفنيّة يحكم من خلالها على جودة النص أو رداءته، إلى أن أصبحت تعني العلوم الثلاثة المعروفة في مرحلة من مراحل تطوّر البلاغة العربيّة.

لقد بدأت هذه «البلاغة» بعلومها الثلاثة متّحدة منذ «بديع» ابن المعتزّ حتى جاء

نام کتاب : خزانة الأدب و غاية الإرب نویسنده : ابن حجة الحموي    جلد : 1  صفحه : 183
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست