هذا الذي ذكرناه ـ في ما أعتقد ـ هو موقف الإسلام في هذه المسألة ، وليس فيه لبس أو غموض ويتميّز بالوضوح والصراحة ، من الكتاب والسنَّة والسيرة .
وهناك رأي آخر في مطاوعة الحكَّام الظلمة ، والانقياد لهم ومتابعتهم ، مهما بلغ ظلمهم وإفسادهم في الأرض ، ومهما كان عبثهم بالإسلام وانتهاكهم لحدود الله وحرماته ، ومهما كان إسرافهم في بيت المال ، حتّى إن أعلنوا الشرب والسكر وسائر المنكرات إعلاناً ، وقتلوا النفوس البريئة ، وقتلوا الصالحين ما لم يظهروا كفراً بواحاً ، وما لم يأمروا بالمعصية ، يجب طاعتهم والانقياد لهم ، ويحرم الخروج عليهم .
ومن هؤلاء يزيد بن معاوية ، والحجَّاج بن يوسف ، ووليد بن يزيد ، الذي كان يكرع الخمر كرعاً .
وبناء على هذه الفتوى ؛ يحرم الخروج على يزيد بن معاوية ، وتحرم مخالفته في غير معصية الله ... إلخ .
هذا هو الرأي الآخر ، وقد ظهر وبرز في العصر الأُموي ، وامتدَّ إلى العصر العباسي ، ونظَّر له علماء وفقهاء معروفون من أهل السنّة والجماعة ، ودعوا إليه وادَّعوا أن خلافه بدعة في الإسلام ، وامتد وتعمّق هذا الرأي ، حتّى كاد أن يكون الرأي الفقهي الرسمي لفقهاء أهل السنّة ، في العصر الأموي والعصر العباسي ، ونحن نذكر نماذج من كلمات هؤلاء الفقهاء والمحدّثين في وجوب