إنَّ آيتي سورتي ( النساء ) و( الأنفال ) نزلتا قبل آية سورة ( براءة ) بسنين ، فإنَّ ( الأنفال ) ـ كما ذكرتُ ـ نزلت في السنة الثانية من الهجرة ، ونزلت ( براءة ) بعد فتح مكّة في السنة التاسعة من الهجرة ، وكذلك الآية تسعون من سورة ( النساء ) نزلت قبل الآية 216 من سورة ( البقرة ) وقبل آيات سورة براءة .
فإذاً ؛ آية ( الأنفال ) وآية ( النساء / 90 ) تكون منسوخة بآيات براءة ، وتكون البراءة ناسخة لها .
وهذا هو الذي يذهب إليه ابن عبّاس ؛ حيث يقول : إنَّ آية سورة النساء : 90 منسوخة بآية براءة ، وآية سورة الأنفال : 61 ، منسوخة بآية السيف من سورة براءة : ( قَاتِلُوا الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ ... ) .
تعديل في رأي ابن عبّاس :
ومع قبول جوهر نظرية عبد الله بن عباس ( رحمه الله ) ، أقول: إنَّ المسألة هنا ليست مسألة ( نسخ ) ، فإنَّ المراحل الأربع لم ينسخ بعضها بعضاً ، وإنَّما حُكم المواجهة والقتال ، أو الدفاع ، أو الكفّ في كل مرحلة هو حكم مرحليّ يخصّ تلك المرحلة ، وقد كان المسلمون يعرفون هذه الحقيقة ، فإذا انتهت المرحلة انتهى أمد ذلك الحكم ، حتّى استقرَّ الأمر في السنة التاسعة من الهجرة بعد