والقتال ، والشاهد على ذلك تعقيب هذه الحقيقة مباشرة بقوله تعالى: ( ... وَلاَ تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ )[1] .
والشيطان يأمر بمعصية الله ورسوله ، وألاَّ يُسلِّم الإنسان أمره إلى الله تسليماً . يقول تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ ... )[2] .
فالسّلم هنا ـ بقرينة السياق ، وبقرينة قوله تعالى : ( ... لاَ تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ ... ) ـ من التسليم لله تعالى ولرسول ، نظير قوله تعالى : ( فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً )[3] . وهذا ( السّلم ) من ذلك التسليم ، ولو راجعتم كلمات المفسِّرين لتأكَّدتم ممَّا أقول .
الحالة المرحليَّة في تشريعات الدعوة والجهاد :
وأمّا قوله تعالى : ( وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ... )[4] ، فهو حكم مرحلي يتعلَّق بزمن نزول الآية الكريمة ، وهي من سورة الأنفال ، وقد نزلت هذه السورة في السنة الثانية من الهجرة بعد معركة بدر ، والأحكام