نام کتاب : حوار في التسامح والعنف نویسنده : معهد الرسول الأكرم(ص) جلد : 1 صفحه : 116
بسببها سفك للدماء ، وانتهاك للأعراض ، وسلب للأموال ، وغير ذلك من أضرار كثيرة ومصائب جمَّة على العباد والبلاد [1] .
المناقشة :
أقول : أوّلاً إنَّ مآل هذا الاستدلال من ناحية فنِّية إلى تقديم الأهمِّ على المهمِّ في باب ( التزاحم ) ، ومن دون أن ندخل التفاصيل العلمية الأصولية لباب التزاحم ، نقول : إنَّ لدينا هاهنا حكمين وهما :
أوّلاً : وجوب النهي عن المنكر وإزالة المنكر وتغييره ومكافحته ، حتى لو تطلَّب ذلك إراقة الدماء وتحمّل المتاعب .
وثانياً : اجتناب الفتن الاجتماعية التي تؤدِّي إلى إراقة الدماء وانتهاك الأعراض والإضرار بالناس .
وكلٌّ من الحكمين في وضعه الأوَّلي مطلق ؛ أي أنَّ النهي عن المنكر يجب حتّى لو تطلّب إراقة الدماء ، وتجنّب الفتن الاجتماعية يجب حتّى في موضع النهي عن المنكر .
وهذان حكمان مطلقان متخالفان ، فإذا اجتمعا في موضع واحد ، كما يحصل في الإنكار على الحكّام الظالمين ، ومكافحتهم ، ونهيهم عن الظلم ، وإزالتهم عن موقع السلطان ، والنفوذ في المجتمع ، فإنَّ هذا الإنكار يؤدّي إلى مقارعة الحكّام الظالمين ؛ وبالتالي ، إلى سفك الدماء وانتهاك الأعراض والإضرار بالناس بأضرار بليغة ، وهو أمر قد حرَّمه الله تعالى .