ثمّ إنّه على تقدير اعتبار التقدير، فهل يعتبر الأشدّ أو الأوسط أو الأضعف؟ احتمالات (1). قلت: هذه الاحتمالات غير متّجهة فيما إذا كانت النجاسة على صفة خاصّة ثمّ سلبت عنه (2). نعم، قد يتّجه ذلك إن لم يعلم كيف وجدت صفة هذه النجاسة، و إن كان تقدير الوسط حينئذٍ أولى (3).
ثمّ إنّه هل يعتبر تقدير الماء أيضاً على الحدّ الوسط من العذوبة و الملوحة و الصفاء و الكدورة؛ فإنّ لها أثراً بيّناً في التغيير (4) [أو لا]؟ و هو [العدم] أولى، سيّما فيما إذا كان الماء على صفة معلومة (5). و لعلّه من ذلك ينقدح الفرق في السابق- أي في [الماء] الموافق للنجاسة في الصفة- بين الصفة الأصليّة و العارضيّة، فيقدّر في الثانية دون الاولى، فتأمّل.
[استهلاك الماء في نجس مسلوب الصفات]:
و كيف كان، فما ذكرناه من عدم النجاسة في المسلوب إنّما هو إذا لم يستهلك الماء، أمّا إذا استهلك بحيث دخل الماء تحت اسم الخليط، فلا إشكال في نجاسته، و أمّا إذا سلبه اسم الإطلاق و لم يدخل تحت الاسم [أي اسم الخليط]، فلا إشكال في كونه غير مطهّر. و هل يبقى على الطهارة؟ وجهان: أقواهما ذلك (6). نعم، لو كان المغيّر للماء من الأجسام التي علم بقاؤه بعد زوال الإطلاقية لاتّجه الحكم بالنجاسة.
[التغيّر بالمجاورة]:
ثمّ اعلم (7) أنّ التغيير لا بدّ و أن يكون بعد ملاقاة النجاسة، فلو تغيّرت أحد أوصاف الماء بالمجاورة لم ينجس (8).
(1) أمّا الأوّل فللاحتياط، و أمّا الثاني فللغالب، و أمّا الثالث فلترجيح جانب الطهارة.
(2) فإنّه حينئذٍ لا معنى لتقديرها بالأشدّ و قد كانت على الأوسط، كما أنّه لا معنى لتقدير الأوسط و قد كانت على الأضعف.
(3) 1- لأنّه الغالب المعتاد. 2- مع عدم تمامية الاحتياط [أو ضيقه] [1] في جميع المقامات.
(5) إذ لا معنى لفرض عدمها؛ لعدم المانع في اختلاف المياه في الانفعال، و إن كانت فرداً نادراً.
(6) و احتمال ذهاب الإطلاق مع بقاء اسم الخليط معارض باحتمال عدمه؛ إذ ذهاب الإطلاقية و ذهاب اسم الخليط حادثان، و الأصل يقتضي تأخّر كلّ منهما عن الآخر، فيبقى أصل الطهارة سالماً.
(7) أنّه قد يظهر [ذلك] من قول المصنّف: «لا ينجس إلّا باستيلاء النجاسة ... إلى آخره».
(8) و لعلّه لا خلاف فيه بل مجمع عليه؛ للأصل بل الاصول و العمومات. و لا شمول في النبوي المتقدّم [3] و نحوه؛ لظهور تبادره في الملاقاة، كما هو واضح. فلا ينبغي الإشكال في ذلك.