[عدم الاجتزاء بالغسل المستحبّ عمّا يتجدّد في اليوم الحاضر]:
و ممّا ذكرنا يظهر لك أنّا و إن قلنا بالاجتزاء بغسل واحد عن الجميع مع نيّة ذلك إلّا أنّه لا بدّ من الاجتماع، فلا نجتزي بالنسبة إلى المتجدّد و إن نوى الاغتسال عن كلّ ما يستحب له الغسل في هذا اليوم من الحاضر و المتجدّد (1). نعم، قد يقال: إنّه لا يشترط نيّة الجميع تفصيلًا، بل يكفي النيّة الإجماليّة في الجملة.
القسم الثالث: أن يكون بعضها واجباً و بعضها مستحباً:
و الأقوى الاجتزاء فيه أيضاً بغسل واحد مع نيّة الجميع.
فهنا مقامات:
[التداخل مع نيّة الجميع]
[المقام] الأوّل: التداخل مع الفرض المذكور [أي مع نيّة الجميع] (2).
(1) ثمّ إنّه إن سلّمنا كون الرواية المذكورة في الأغسال المستحبّة، فمقتضى الجمع بينها و بين قوله (صلى الله عليه و آله و سلم): «إنّما الأعمال بالنيّات» و ما دلّ على شرطيّة التعيين و قصديّة الامتثال و نحو ذلك، حملها على إرادة نيّة الجميع.
و أمّا رواية عثمان بن يزيد [التي استدلّ بها على الإجزاء مطلقاً] فهي- مع الغضّ عن سندها- يجري فيها كثير ممّا تقدّم [من الإشكالات في مرسلة جميل]، لكنّها أظهر من سابقتها [مرسلة جميل] في إرادة الأغسال المستحبّة، كما هو مقتضى قوله (عليه السلام) فيها: «إلى الليل» و «إلى طلوع الفجر»، و يحمل قوله (عليه السلام): «يجب» على إرادة الثبوت فلا ينافي إرادة المستحب، لكن الظاهر إرادة الماضويّة، فلا تفيد بالنسبة للمتجدّد كما عرفت.
و ممّا ذكرنا يظهر لك ما في الاستناد إلى التعليل المتقدّم [في خبر زرارة: «بأنّهما حرمتان اجتمعتا في حرمة واحدة»؛ لأنّه يرد عليه ما قلنا: من أنّ المتيقّن منه هو ما إذا نوى الجميع]، فلا مانع من أن يراد به [التعليل] ذلك [الإجزاء مع نيّة الجميع و اجتماع أسبابها] أيضاً. و إذ قد عرفت بطلان القول بعدم التداخل مطلقاً و [كذلك] القول به [التداخل] مطلقاً، كان المتعيّن التفصيل، لكن بشرط اجتماعها دون المتجدّد منها.
(2) و به صرّح المصنّف في المعتبر، و وافقه جملة من متأخّري المتأخّرين، و في ظاهر القواعد و الإرشاد و صريح جامع المقاصد كما عن صريح التذكرة عدم التداخل [1].
لنا:
1- الإجماع المنقول في الخلاف على الاجتزاء بغسل واحد للجنابة و الجمعة مع نيّتهما [2].
2- و حسنة زرارة المتقدّمة و مرسلة جميل و عثمان بن يزيد المتقدّمة في وجه، و هو حمل الوجوب و اللزوم فيهما على ما يشمل الواجب و المستحب. لكن فيه إشكال في خصوص خبر عثمان بن يزيد، و التعليل المتقدّم [في خبر زرارة]: «بأنّهما حرمتان اجتمعتا في حرمة واحدة».
فما يقال: من أنّه لا دليل على التداخل و ليست كالأغسال الواجبة؛ لأنّ المطلوب بها الرفع أو الاستباحة و هو أمر واحد، بخلاف هذه [الأغسال]، فيه ما لا يخفى.