فالذي ينبغي أن يقال في المقام: إنّه لا إشكال في وجوب التعيين حيث يكون المكلّف به متعدّداً، نحو صلاة الصبح و النافلة (1).
(1) 1- فإنّ الامتثال يتوقّف عليه.
2- و لأنّ صرف الفعل إلى واحد دون آخر ترجيح بدون مرجّح.
3- و الجنس لا يقوم بدون الفصل؛ إذ الفرض أنّ الأمر وقع بخاص، لكن هذا إذا كان المكلّف به متعدّداً كلّ منهما غير الآخر إلّا أنّهما متّفقان بالصورة.
أمّا في مثل المقام [أي الوضوء] فلا تعدّد في المكلّف به؛ إذ هو رفع حدث واحد.
و كونه [الوضوء] مطلوباً على جهة الاستحباب لغاية و على جهة الوجوب لُاخرى لا يقتضي تعدّده، و إلّا لاقتضى وجوب ملاحظة خصوصيات الغايات مع أنّه لا قائل به.
و استحباب التجديدي [في الوضوء] إنّما هو ترتيبي، فلا اجتماع حينئذٍ [بين الواجب و المندوب] فلا يجب التعيين.
و أمّا ما يقال: إنّ التعدّد قد يكون بزعم المكلّف [فيحتاج إلى التعيين].
ففيه: ما قد عرفت من أنّه اشتراك لا يضرّ، فلو زعم المكلّف- جهلًا منه مثلًا- أنّ وضوء الفريضة يكون على جهة الوجوب و يكون على جهة الندب، و أوقعه بقصد الثاني أو لم يعيّنه مع قصده القربة، فإنّ الظاهر أنّ وضوءه صحيح.
لا يقال: إنّ قوله (صلى الله عليه و آله و سلم): «لكلّ امرئ ما نوى» [1] ينافي ذلك.
لأنّا نقول: الظاهر أنّ المراد منه معنى آخر من الإخلاص و كون الفعل للّٰه أو لغيره، أو إذا كان المكلّف به متعدّداً، فتأمّل و لاحظ.
نعم، لو زعم المكلّف- جهلًا منه- أنّ ذمّته مشغولة بوضوئين أحدهما وجوبي و الآخر استحبابي، و أوقعه مع ذلك غير معيّن لأحدهما، أو أوقعه بقصد فعل الاستحبابي، يمكن القول بالفساد؛ لحصول الإبهام المحتاج إلى التعيين، و هو مفقود في الاولى، و فاسد في الثانية، مع أنّه [الحكم بالفساد] لا يخلو أيضاً من إشكال و تأمّل إلّا إذا لم يكن قاصداً للامتثال، و إلّا فحيث يتحقّق لا يبعد أن يقال بالصحّة فيهما معاً و إن لم يعيّن في الاولى؛ لحصول التعيين في الواقع و إن أخطأ في الثانية، فتأمّل جيّداً.
و أمّا الكلام في التأييد السابق [و هو قاعدة الاشتغال] ففيه:
أوّلًا: أنّ لفظ الوضوء ليس من المجملات حتى تجري فيه القاعدة المذكورة، كما سيظهر لك من الأخبار البيانيّة [2].
و ما يقال: إنّه و إن لم يكن لفظ الوضوء منها [المجملات] لكن لفظ النيّة لاستعماله في معنى جديد غير معلوم لنا.
[2] كالخبر الذي رواه الكليني عن عدّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد و عن أبي داود جميعاً عن الحسين بن سعيد عن فضالة عن داود بن فرقد قال: سمعت أبا عبد اللّه (عليه السلام) يقول: «إنّ أبي كان يقول: إنّ للوضوء حدّاً من تعدّاه لم يؤجر، و كان أبي يقول: إنّما يتلدد»، فقال له رجل: و ما حدّه؟ قال: «تغسل وجهك و يديك، و تمسح رأسك و رجليك» الكافي 3: 21، ح 3. الوسائل 1: 387، ب 15 من الوضوء، ح 1.