و قد يستفاد (1) رجحان تجنّب القبلة عن كلّ فعل رديء (2) [كما يحتمل إلحاق الأماكن المشرّفة بالقبلة] (3).
[و لا يختص النهي عن الاستدبار بالمدينة و نحوها ممّا يساويها جهة] (4).
(و يجب الانحراف [عن القبلة] في موضع قد بني على ذلك)، فإن لم يمكن وجب التخلّي في غيره، فإن لم يمكن جاز كلّ ذلك (5).
(1) من رواية محمّد بن إسماعيل المتقدّمة عن الرضا (عليه السلام) [ «من بال حذاء القبلة ثمّ ذكر فانحرف عنها ...» [1]].
(2) و ربّما يستأنس له بمرجوحيّة المواقعة مستقبلًا و مستدبراً. بل في كشف اللثام حرمته [2].
(3) و قد يشمّ منه [من رواية محمّد بن إسماعيل] إلحاق الأماكن المشرّفة بالقبلة.
(4) بل عن النهاية للفاضل احتمال اختصاص النهي عن الاستدبار بالمدينة و نحوها ممّا يساويها جهة؛ لاستلزام استقبال بيت المقدس [3]، و إن حكي عن الشهيد (قدس سره) أنّه قال: هذا الاحتمال لا أصل له [4]، و لعلّه كذلك، بل يمكن القطع بخلافه من النصوص و الفتاوى، على أنّ بيت المقدس قبلة منسوخة.
نعم، لا بأس باحترامه من حيث كونه مكاناً شريفاً كما ذكرناه، و اللّٰه العالم.
(5) قضية ما ذكرنا من الأدلّة.
و أشار المصنّف في هذه العبارة إلى شيئين:
الأوّل: الجواب عمّا سمعت من الرواية عن الرضا (عليه السلام) أنّ في داره كنيفاً مستقبل القبلة.
و الثاني: إلى بعض عبارات وقعت ظاهرها المنافاة، كعبارة الشيخ في المبسوط، فإنّه- بعد أن حكم بحرمة الاستقبال و الاستدبار مع التصريح بعدم الفرق بين الصحاري و الأبنية- قال: «و إن كان الموضع مبنيّاً كذلك و أمكنه الانحراف عنه وجب عليه ذلك، و إن لم يمكن لم يكن عليه شيء بالجلوس عليه» [5].
قال في المعتبر: «يريد أنّه مع عدم إمكان غيره» [6].
قلت: يريد بالانحراف عنه تجنّبه.
و كذلك ابن إدريس في السرائر، فإنّه- بعد أن حكم بالحرمة مع التصريح بعدم الفرق المذكور- قال: «و إن وجد لفظ الكراهة في بعض الكتب فليس بشيء يعتمد، إلّا أن يكون الموضع مبنياً على وجه لا يمكن فيه الانحراف عن القبلة» [7]. و الظاهر أنّه يريد مع عدم التمكّن من غيره.
و قس على ذلك باقي العبارات؛ و لذا لم ينقله أحد من أصحابنا خلافاً في المسألة، فتأمّل جيّداً.