المبحث السادس في بيان أوضاع أسماء الإشارات و الضمائر و الموصولات
أمّا أسماء الإشارات: فذهب بعضهم [1] إلى أنّها موضوعة ليشار بها إلى شيءٍ، و آخرون [2] إلى أنّها موضوعة للمشار إليه قالَ ابنُ مالك: بذا لمفردٍ مُذكّرٍ أشِرْ [3].
و التحقيق: أنّها موضوعة لإيجاد الإشارة الجزئيّة الخارجيّة، التي يُحمل عليها مفهوم الإشارة بالحمل الشائع، القائمة بالمشير و المشار إليه، الغير المستقلّة بالذات، كسائر المعاني الحرفيّة، فهي- أيضاً- حروف لا أسماء؛ لعدم استقلال معانيها، لا في الذهن و التعقّل، و لا في الخارج، و قد يوقع الإشارة بغير ألفاظها، كالإشارة بالإصبع إلى شيءٍ، فيُتوهّم خروج خطٍّ من رأس الإصبع ممتدّ إلى المُشار إليه، و حينئذٍ فلا تقع أسماء الإشارة مبتدأً، كما توهّم النحويّون [4] في مثل «هذا زيد»؛ لامتناع الإسناد إلى معنىً حرفي، بل المسند إليه فيه هو المشار إليه الخارجي، لا لفظ هذا، بل الأمر في سائر القضايا- أيضاً- كذلك؛ ليس المسند إليه إلّا المعنى لا اللّفظ، و كذلك المسند؛ إذ الألفاظ بنفسها غير مرتبطة بعضها مع الآخر ذاتاً، بل تبعاً لارتباط المعاني.
فانقدح بذلك: فساد ما هو المشهور من أنّ «هذا» و نحوه أسماءٌ وُضعت للمُشار إليه المحسوس، و أنّ الحقَّ أنّ لفظة «هذا» و نحوها آلة يستحضر باستعمالها المُشار إليه في ذهن المخاطب؛ ليحكم عليه بحكم، و هكذا الكلام في المثنّى و الجمع.