هل تدلّ صيغة الأمر على المرّة أو التكرار أو لا تدلّ على شيءٍ منهما؟
اعلم أنّ هذا النزاع مختصّ بالأمر و النهي، و لم يقع في سائر المشتقّات مثل الماضي و المضارع، و الظاهر أنّ منشأ النزاع أنّهم لمّا رأوا أنّه قد ورد الأمر في القرآن المجيد و اريد به المرّة تارة، مثل: لِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ»[1]، و التكرار اخرى، مثل: «أَقِيمُوا الصَّلاةَ»*[2]، فوقع البحث في أنّه حقيقة في المرّة و مجاز في التكرار، أو بالعكس.
ثمّ إنّه يمكن تصوير النزاع بوجوه:
الأوّل: أنّ مجموع الأمر بمادّته و هيئته هل يدلّ على المرّة أو التكرار؟
الثاني: أنّ هيئته هل تدلّ على كذا أو كذا؟
الثالث: أنّ مادّته فقط هل تدلّ على ذا أو ذاك؟
و البحث في الصورة الاولى إنّما يُعقل لو قلنا بأنّ العلل الشرعيّة و الأوامر التشريعيّة كالعلل التكوينيّة في أنّ العلّة الواحدة لا تؤثّر إلّا في معلول واحد، و إلّا فلا معنى لهذا النزاع، كما سيجيء توضيحه إن شاء اللَّه.
و نقل صاحب «الفصول» عن السكّاكي حكاية الإجماع على أنّ المصدر المجرّد عن الألف و اللّام و التنوين لا يدلّ إلّا على الماهيّة المطلقة [3]، و لذا حرّرنا النزاع في