و ثانيتهما: قد يصحّ الحمل في زمان معيّن؛ لوجود ملاكه فيه في ذلك الزمان فقط دون سائر الأزمنة، لكن لهذا الملاك و الخصوصيّة المصحّحة للحمل سعة عرفيّة، يصحّ ذلك الحمل في غير هذا الزمان أيضاً بملاحظة هذه السعة العرفية فإنّ الملاك في قولنا: «زيد أب لعمرو» تكوُّنُه من نطفته، و من المعلوم أنّه إنّما يتحقّق في زمانٍ معيّنٍ و ليس مستمرّاً في الأزمنة، لكن للسعة المزبورة صحّ حمله عليه في غير ذلك الزمان أيضاً [1] انتهى.
و يظهر ذلك أيضاً ممّا نُقل عن صاحب «المحجّة» حيث قال: الحمل على قسمين:
أحدهما: حمل المواطاة المعبّر عنه بحمل هو هو، نحو «زيد جسم»؛ لاتّحاد الجسميّة مع «زيد».
و ثانيهما: حمل الاشتقاق المعبّر عنه بحمل ذي هو، نحو «زيد ضارب».
ثمّ قال: إنّ النزاع في المقام إنّما هو في القسم الثاني، لا الأوّل؛ لعدم تعقّل النزاع فيه [2].
و يظهر ذلك أيضاً من الميرزا النائيني (قدس سره) على ما في التقريرات؛ حيث قال:
لا خلاف في عدم صحّة استعمال الجوامد كالإنسان و الحجر إلّا في خصوص المتلبّس، و أنّ استعمالها في غيره يُعدّ من الأغلاط لو كان ممّا انقضى عنه المبدأ [3].
و بالجملة: ليس البحث في المقام في أنّ معنى «ضارب»- مثلًا- مع قطع النظر عن لفظه و وضع الواضع له هل يصدق عقلًا على ما انقضى عنه المبدأ أو لا؟ بل النزاع إنّما هو في كيفيّة وضع الواضع لفظ «ضارب» مثلًا، و أنّه وضع هيئته لخصوص المتلبّس بالمبدإ في الحال أو الأعمّ منه و ممّا انقضى، و لا فرق في ذلك بين ما كان مبدؤه
[1]- انظر الحاشية على الكفاية لآية اللَّه السيد البروجردي 1: 111- 112.