و فيه: أنّه قد تقدّم مراراً أنّ قاعدةَ عدم صدور الواحد إلّا من الواحد و عكسها، غيرُ مربوطة بأمثال هذا المقام، و أنّ موردها على فرض صحّتها البسيط من جميع الجهات، و النفس ليست كذلك؛ إذ لا شبهة في إمكان لحاظ النفس لأشياء متعدّدة و تصوّرها اموراً كثيرة في آنٍ واحد؛ لأنّ النفس جوهر بسيط قابلة لاجتماع الأمثال و الأضداد في آنٍ واحد فيها؛ أ لا ترى أنّها في حال حُبّها شيئاً تكره آخر، و في حال إرادتها لعمل تريد آخر أيضاً، فتفعلهما معاً في آنٍ واحد، فهي في حال التكلّم و تحريك اللسان تحرّك البنان للكتابة، و كلّ منهما عمل اختياري صادر عن إرادةٍ تخصّه.
و فوق هذا وضوحاً: أنّها تحكم على أمرٍ واحدٍ بحكم في آنٍ واحد، و لا شبهة في أنّ الحكم يستدعي تصوّر الموضوع و المحمول و النسبة في آنٍ واحد، و إلّا استحال صدور الحكم من النفس.
كلام المحقّق العراقي في المقام و مناقشته
و ممّا ذكرناه في تحرير محلّ النزاع، ظهر ما في التفصيل الذي ذكره المحقّق العراقي (قدس سره)؛ حيث قال ما محصّله: إنّ استعمال اللّفظ في أكثر من معنىً واحد يُتصوّر على أنحاء:
أحدها: الاستعمال في مجموع المعنيين أو المعاني، و هذا القسم خارج عن محلّ النزاع.
و ثانيها: أن يكون المستعمَل فيه عبارة عن معنيين أو أكثر يجمعهما في تصوّر واحد، و يُستعمَل فيهما اللّفظ باستعمالٍ واحد.
[1]- نقله في محاضرات في اصول الفقه عن النائيني 1: 206، و قرّره في بدائع الأفكار (تقريرات العراقي) 1: 147، و انظر أجود التقريرات 1: 51.