أن يكون المعنى آلةً للحاظ اللّفظ و دالًا عليه، و هذا باطل قطعاً، فلا بدّ أن يريد تعلّق اللحاظ أوّلًا باللّفظ، ثمّ الانتقال منه إلى لحاظ المعنى، و هو صحيح، لكن امتناع الاستعمال عليه مبني على توقّف ذلك على لحاظ اللّفظ مرّتين أو مرّات، و هو ممنوع؛ لأنّه لا استحالة للحاظ اللّفظ مرّةً واحدة و جعله مرآةً لمعنيين أو أكثر، و لم يقم على امتناعه دليل و لا برهان.
و ما ذكره (قدس سره): من استلزامه لذلك مجرّد دعوى لا برهان عليها، كما أنّ العناوين المأخوذة في متعلّق الأحكام كذلك، كلفظ «العلماء» في قوله: «أكرم العلماء»؛ حيث جعل اللّفظ في استعمال واحد مرآة لجميع الأفراد الكثيرة بلحاظٍ واحد، و لا ينبغي الارتياب في ذلك، و كما أنّ الموجودات الكثيرة المختلفة تكوّنت بإيجادٍ واحد، كذلك يقدر الإنسان على إيجاد امورٍ متعدّدةٍ في صُقْع النفس بلحاظٍ واحد، و كما تُبصر النفس بالعين الباصرة أكثر من واحد باستعمالٍ واحد و نظرةٍ واحدة.
استدلالات ضعيفة على الامتناع
و استُدلّ للامتناع أيضاً بوجوهٍ اخر كلّها مخدوشة:
الأوّل: ما يمكن استظهاره من صدر عبارة «الكفاية»: و هو أنّ الاستعمال ليس عبارة عن جعل اللّفظ علامةً للمعنى، بل هو عبارة عن إفناء اللّفظ في المعنى، و يمتنع إفناء شيءٍ واحد في شيئين [1].
و فيه: أنّه إن أراد به الإفناء الحقيقي بأن يصير اللّفظ نفس المعنى و متّحداً معه في نفس الأمر، فهو ممنوع؛ إذ الاستعمال ليس كذلك.
و إن أراد به الإفناء اللحاظي؛ بمعنى أنّ المتكلّم حيث إنّه غير ملتفت إلى اللّفظ حين الاستعمال، بل توجّهه التامّ إلى المعنى، و اللّفظ مغفول عنه، فكأنّ المعنى هو الملقى