لو شُكّ في أنّ الفاسق في «لا تكرم الفسّاق» المخصِّص لقوله: «أكرم العلماء» هل هو عبارة عن خصوص المرتكب للكبائر، أو الأعمّ منه و من المرتكب للصغائر؟
فإنّ الفرق بينهما- حينئذٍ- حَسن، و أمّا في الشبهة المصداقيّة فلا يصحّ التمسّك بالعموم مطلقاً.
و الفرق: أنّ القدر المتيقَّن من الخارج عن العموم في الشبهة المفهوميّة هو المرتكب للكبائر في المثال في المخصّص اللُّبّي الغير الارتكازي، فيبقى المشكوك خروجه- و هو المرتكب للصغائر- تحت العموم أو الإطلاق، و في الشبهة المصداقيّة ليس كذلك، كما لو علم أنّ مفهوم الفاسق هو الأعمّ، لكن شُكّ في أنّ زيداً فاسق أو لا، فإنّ خروجَ عنوان الفاسق المعلوم مفهومه- على الفرض- معلوم، فلا وجه للتمسّك بالعموم أو الإطلاق بالنسبة إلى ما احتُمل مصداقيّته للمخصِّص المعلوم الخروج عن العموم أو الإطلاق.
و الحقّ في الجواب: عن أصل الإشكال أن يقال: إنّ طريقة الشارع في بيان الأحكام و جعلها هو كطريقة العقلاء المقنِّنين في جعل القوانين الكلّيّة أوّلًا، ثمّ بيان المستثنيات و القيود و الشرائط الزائدة عن المسمّى فالصلاة المأمور بها بنحو العموم على قول الأعمّي في لسان الشرع حقيقة في هذا المعنى الأعمّ، لا أنّه استعملها مجازاً في هذا المعنى، ثمّ ذكر قيودها و شرائطها.
و الحاصل: أنّ قوله تعالى: «أَقِيمُوا الصَّلاةَ»*- مثلًا- مستعمل في ذلك المعنى الأعمّ حقيقةً على قول الأعمّي، و أنّه المعنى الحقيقي للصلاة عنده، و أمّا القيود و الشرائط فهي خارجة عن المسمّى، معتبرة في المأمور به، فما ثبت شرطيّته أو جزئيّته فهو، و إلّا يُتمسّك بالإطلاق لنفي شرطيّته أو جزئيّته، بخلافه على قول الصحيحي، فإنّ الموضوع له و المستعمل فيه لفظ الصلاة عنده هي للتامّة الواجدة لجميع الأجزاء و الشرائط، فيجب عنده الإتيان بكلّ ما احتمل اعتباره و دخله في الصلاة