و حيث إنّ خيار المجلس مقدّم طبعا على سائر الخيارات المجعولة شرعا، فالأنسب تقديمه وضعا، فنقول:
قد عرفت أنّ مستند خيار المجلس هو الحديث المستفيض عند عامّة المسلمين: «البيّعان بالخيار ما لم يفترقا» 1 . و هو-و غيره من أحاديثنا الخاصّة-مستند القول بخيار المجلس عند فقهائنا إجماعا.
أمّا فقهاء المذاهب فقد انشطروا في هذه القضية شطرين:
فأنكرته الحنفية و المالكية 2 و تأوّل الأوّلون الحديث تأويلا الطرح خير منه، كاجتهاد في مقابل النص، حيث قالوا-على ما نقل عنهم-: (خيار المجلس لا يثبت إلاّ بالشرط، فإذا تمّ العقد بينهما من غير شرط الخيار أصبح لازما سواء أقاما بالمجلس أو تفرّقا، و إنّما الّذي للعاقد في المجلس بدون شرط هو خيار القول، فإذا قال البائع: بعتك، فله أن يرجع قبل أن يجيبه
[1] مسند أحمد 2: 9، صحيح البخاري 3: 137-138، صحيح مسلم 3: 1163-1164، سنن الترمذي 3: 547، السنن الكبرى للبيهقي 5: 269-272، كنز العمّال 4: 46 و 92 و 93 و 95.
و انظر الوسائل الخيار 1: 1-4 (18: 5-6) بأدنى تفاوت.
[2] بدائع الصنائع 6: 539. و حكي عن أبي حنيفة و مالك في المغني 4: 6.