و أقصى مبالغ الدقّة في هذه الفروع و الفروض أن يقال: إنّ براءة البائع من الضمان هل هي منوطة بتسليمه فقط، أو بتسليمه و تسلّم المشتري أيضا، أو أنّ تسلّم المشتري يحصل بمجرّد تسليط البائع و تمكينه، أو يحتاج إلى عناية منه بتصرّف أو استيلاء أو نحوه؟
و حلّ هذه العقدة و إن كان لا يخلو من صعوبة و تحتاج إلى مزيد تتبع و استقراء للنصوص و كلمات الأصحاب، و لكن من البعيد جدا إناطة ضمان شخص و عدمه بعمل شخص آخر و عدمه، فتدبّر ذلك.
أمّا قبض البعض فلا ريب في أنّه يترتّب عليه حكمه، فإذا تلف الباقي في يد البائع كان عليه ضمانه، و يثبت بعده خيار تبعيض الصفقة.
و جميع مواد هذا الفصل تعود واضحة بعد البيان المتقدّم.
نعم، المادّة الأخيرة:
([مادّة]: 277) قبض المشتري المبيع بدون إذن البائع قبل أداء الثمن لا يكون معتبرا، إلاّ أنّ المشتري لو قبض بدون الإذن و هلك في يده أو تعيّب يكون القبض معتبرا 1 .
فيها إجمال و تعقيد مخلّ بالغرض المقصود، و تحريرها: أنّه لمّا كان من المعلوم أنّ الغرض من تسليم البائع المبيع هو حصوله في يد المشتري، و لذا لو كان في يده قبل البيع بعارية أو وديعة سقط وجوب التسليم، فكذا لو قبضه المشتري بدون إذن البائع و تسليمه فقد حصل الغرض المهمّ من التسليم، و هو الحصول في يد المشتري، و سقط الضمان عن البائع و صار تلفه على المشتري، فقد صار هذا القبض معتبرا من هذه الناحية، أي: ناحية سقوط الضمان.
ثمّ إنّ هذا القبض العاري عن الإذن إن كان بعد دفع الثمن إلى البائع فهو قبض معتبر من جميع الجهات، و جميع تصرّفات المشتري فيه تكون
[1] وردت المادّة نصّا في درر الحكّام 1: 224، و مع بعض الاختلاف في شرح المجلّة لسليم اللبناني 1: 144.