بالآخر أشدّ الربط معنى و حقيقة، فيلزم اتّصالهما صورة و لفظا، كالإنسان المركّب من أعضاء مرتبط بعضها ببعض، فلو انفصلت لم يعد إنسانا، فإنّ شخصيّة كلّ إنسان متقوّمة بتأليفه الخاصّ.
و معيار الوصل اللازم و الفصل المضرّ في الكلام موكول إلى نظر العرف، و هو يختلف حسب الموارد، فالوصل بين لفظ الجلالة و (أكبر) أشدّ منه في ما بين جملة فصول الأذان بعضها مع بعض، و الفصل بين آية و أخرى أوسع منه ما بين جملة و أخرى في نفس الآية، و الفصل بين كلمة و أخرى في الجملة الواحدة أضيق منه بين نفس الجمل، و هكذا في أبيات الشعر بين البيت و الآخر أوسع منه بين الشطر و الشطر، و الجملة منه مع الأخرى.
و الخلاصة: أنّ التوالي بين الإيجاب و القبول في عامّة العقود و خصوص البيع من أهم الشروط، و إذا حصل الفصل المخلّ بالوحدة الاتّصالية بطل العقد، و لم ينفع القبول المتأخّر، و لا يكفي اتّحاد المجلس. و كما أنّ للأقوال وحدة اتّصالية، كذلك للأفعال المركّبة عرفية كالكتابة و الصياغة أو شرعية كالوضوء و الصلاة و أمثالها من العبادات.
(مادّة: 184) لو رجع أحد المتبايعين عن البيع بعد الإيجاب و قبل القبول بطل الإيجاب[الخ] 1 .
هذا أيضا تكرار تغني عنه المادّة[الّتي]قبلها، كما تغني عن:
[1] انظر: تبيين الحقائق 4: 4، شرح العناية للبابرتي 5: 460، شرح فتح القدير 5: 460، الفتاوى الهندية 3: 8، حاشية القليوبي على شرح المنهاج 2: 155.
و ذهب الحطّاب من المالكية إلى عدم بطلان الإيجاب بذلك في مواهب الجليل 4: 241.