و الحقّ: أنّ المقامات تختلف، و يلزم النظر في دليل كلّ مورد بخصوصه حتّى يستظهر منه أنّ المراد من النهي هو الفساد و الحكم الوضعي، أو محض الحرمة و الحكم التكليفي.
فمثل: حديث نهي النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم عن بيع الغرر، حيث إنّ الغرر هو: الجهالة و الإقدام على الخطر 1 و هي ترجع إلى الثمن أو المثمن، و هما ركنان، فلا ريب في أنّه يدلّ على الفساد.
و لكن مثل: لا يملك الرجل عموديه، يحتمل الحرمة، و يحتمل الفساد، و يلزم-في مثله-التأمّل و الاستعانة بالقرائن لتحصيل الحقيقة، و هي من وظائف المجتهد المطلق. و باقي البحث موكول إلى محلّه.
56-كلّ شيء لا يعلم إلاّ من صاحبه فقوله مصدّق فيه 2 .
الأشياء الّتي لا يمكن العلم بها-في الغالب-إلاّ من نفس صاحبها لا محيص من لزوم تصديقه فيها، و إلاّ لوقف جريان كثير من الأمور.
مثلا: إذا أنفقت على الوديعة الّتي عندك مبلغا لحفظها من التلف، فقال لك المالك: أنت متبرّع، و قلت: قصدت الرجوع بالعوض و لم أقصد التبرّع، فقصدك لا يمكن العلم به عادة إلاّ من قبلك، فلو لم تصدّق فيه لوقف جريان القضية، و لم تنحل مثل هذه الخصومة. غايته أنّه-لسدّ احتمال الكذب- تلزم باليمين. و نظائر هذا كثيرة.
ق-مقالات الأصول 1: 389-392.
و ذهب الفاضل التوني إلى الفساد مطلقا في الوافية في أصول الفقه 103-107.