و المسؤوليّة تقضي بعرض النظريّة القانونيّة في التشريع الإسلامي و إيضاحها على حقيقتها دفعا للشبهات و التشويش في الأذهان ممّا أثاره خصوم الإسلام و طرحته حركة الاستشراق و طائفة من المتطفّلين الذين قصرت أفهامهم عن وعي لغتنا الفقهيّة.
كما أنّ الدراسات المقارنة بين الشريعة الإسلاميّة و القوانين تقدّم صورة مهمّة من صور إبداع الشرع الإسلامي في مواجهة الأساليب القانونيّة الحديثة.
مقدّمة تأريخيّة
بالرغم من انقسام الدولة الإسلاميّة الكبيرة إلى دول و دويلات منذ القرن الثالث الهجري، إلاّ أنّ التشريع الإسلامي ظل يحكم جميع ميادين الحياة سواء بالنسبة لمعاملات الأفراد و علاقاتهم الخاصّة فيما بينهم، أو علاقتهم بالدولة و عمّالها، أو بالنسبة لعلاقات الدولة الإسلاميّة بغيرها من الدول الأخرى.
نحن و إن كنّا لا ندرس تاريخ الخلافة العثمانية، و لكن تنبغي الإشارة إلى الدور الكبير الّذي كان لها في توسّع رقعة العالم الإسلامي و حمايته طوال حوالي سبعة قرون امتدّت من آخر القرن السابع الهجري إلى منتصف القرن الرابع عشر.
و من المعروف أنّ الدولة العثمانيّة قد تأسّست حوالي سنة 699 هـ (1300 م) و أنّها أصبحت خلافة سنة 923 هـ (1517 م) عند ما استولى السلطان سليم الأوّل 1 على مصر، و تمّ إلغاء الخلافة بواسطة كمال أتاتورك
[1] السلطان سليم الأوّل الملقّب بياوز-أي: القاطع-بن سلطان بايزيد خان الثاني. تولّى الحكم بعد-