و الابتداء و الانتهاء فإنّها التي تحكي عن تلك المفاهيم، و هي و إن كانت محتاجة إلى المحلّ في وجودها الخارجي إلّا أنّها مستقلّة في عالم المفهومي.
و أمّا ألفاظ «من» و «في» و «إلى» فتدلّ على النسب الخاصّة، التي تقوم بالمحلّ في ذاتها و وجودها وجود لا في نفسه.
و بالجملة: المعنى الحرفي قائم بالمحلّ في نفس اللّحاظ و الإدراك و هو شأن النسبة و الربط، و أمّا الأعراض بجملتها فهي قابلة للّحاظ مستقلّا و حاجتها إلى المحلّ في الوجود الخارجي.
و أورد عليه المحقّق الخوئي مضافا إلى ما ذكرنا: بأنّا نقطع بعدم كون الحروف موضوعة للأعراض النسبية، لصحّة استعمالها فيما يستحيل فيه تحقّق عرض نسبي، كما في صفات الواجب تعالى و الامور الاعتباريّة و الانتزاعية [1].
و فيه: أنّ الإيراد بصحّة استعمال الحروف في شأن الباري تعالى مع عدم إمكان تحقّق العرض في حقّه و كذا النسبة بوجودها الخارجي إيراد مشترك على جميع المباني.
و الحلّ: أنّ استعمال الألفاظ في حقّه تعالى ليس مبتنيا على الدقّة الفلسفية و الكلامية، أ لا ترى قوله تعالى: الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى فالعرش هو السرير، و الاستواء الاستقرار، و «على» للاستعلاء و الرحمن من الرحمة و هي مستلزمة للانفعال المستحيل في حقّه تعالى، و كيف يمكن الالتزام بظواهر الكلمات في حقّه تبارك و تعالى بلا فرق بين أسمائها و حروفها.
أمّا الرحمن، فالمراد منه: من يفعل أفعال الرّحماء؛ و أمّا استقراره على العرش، فكناية عن سلطانه و تدبيره.