المعنى الحرفي غير ملتفت إليه حال الاستعمال، بل الملتفت إليه المعاني الاسمية الاستقلالية، و لو صارت المعاني الحرفية ملتفتا إليها لصارت إخطارية و لكانت لها واقعية غير التركيب الكلامي فخرجت عن حقيقته و صارت مفهوما اسميا، كما إذا قلت: النسبة الابتدائية مكان «من».
و ليس في تعاريف القوم ما يشتمل على الأركان الأربعة سوى ما عن مولى الكونين أمير المؤمنين عليه أفضل صلوات المصلّين، و هو أنّ الحرف ما أوجد معنى في غيره و تحريفه بما «دلّ على معنى في غيره» خطأ نشأ من توهّم كون المعنى الحرفي إخطارية [1].
ثمّ إنّه (قدّس سرّه) اختار مع ذلك أنّ الوضع و الموضوع له فيها عامّ، و سيأتي الكلام فيه إن شاء اللّه تعالى.
و الكلام فعلا في الركن الأوّل أي إيجادية المعنى الحرفي:
أورد عليه المحقّق الخوئي (قدّس سرّه) بأنّ المعاني الحرفية ليست بإيجادية، و ذلك لأنّ المعاني الحرفية و إن كانت غير مستقلّة إلّا أنّه لا يلزم كونها إيجادية؛ لأنّ ربط الحروف بين المفاهيم الاسمية في التراكيب الكلامية إنّما هو من جهة دلالتها على معانيها غير المستقلّة. و بالجملة لا فرق بين الاسمية و الحرفية إلّا في أنّ الاولى مستقلّة في عالم المعنى و لذا يكون إخطاريا، و أمّا الثانية فغير مستقلّ فلا يخطر في الذهن إلّا بتبع معنى مستقلّ. و هذا لا يستلزم الإيجادية، و من هنا ظهر فساد ما أفاده من أنّ المعنى إمّا إخطاري و إمّا ايجادي و لا ثالث لهما. إذ المعنى الحرفي و إن لم يكن إخطاريا بالتفسير السابق إلّا أنّه ليس بإيجادي لما تقدّم من أنّه له نحو ثبوت في وعاء المفاهيم لكن بنحو غير استقلالي.