قصدها ليتنزّه بها و يرى آثار المنذر، فرأى قبر أبيها النعمان و قبرها إلى جانبه. ثمّ خرج إلى دير هند الآخر و هو على طفّ النجف، فرأى في جانب حائطه كتابة، فأمر يسلّم فأحضر، و أمر بعض أصحابه أن يرقى إليها، فإذا هي:
إنّ بني المنذر حيث انقضوا # بحيث شاد البيعة الراهب
تنفح بالمسك ذفاريهم # و عنبر يقطبه القاطب
القزّ و الكتّان أثوابهم # لم يجب الصوف لهم جائب
و العزّ و الملك لهم راتب # و قهوة ناجودها ساكب
أضحوا و ما يرجوهم طالب # خيرا و لا يرهبهم راهب
كأنّهم كانوا بها لعبة # سار إلى أين بها الراكب
قال: فبكى يحيى لمّا قرىء هذا الشعر، و قال: هذه سبيل الدينا و انصرف عن وجهه ذلك. [1]
الواثق العباسي في النجف
أخرج أبو الفرج، عن إسحاق الموصلي، قال:
ما وصلني أحد من الخلفاء قط بمثل ما وصلني به الواثق و لقد انحدرت معه إلى النجف، فقلت له: يا أمير المؤمنين قد قلت في النجف قصيدة، فقال هاتها فأنشدته:
يا راكب العيس لا تعجل بنا وقف # نحيّ دارا لسعدى ثمّ ننصرف
حتى أتيت على قولي:
لم ينزل الناس في سهل و لا جبل # أصفى هواء و لا أعذى من النجف
حفّت ببرّ و بحر من جوانبها # فالبرّ في طرف و البحر في طرف
و ما يزال نسيم من يمانية # يأتيك منها بريا روضة أنف
فقال صدقت يا إسحاق هي كذلك. ثمّ أنشدته حتى أتيت على قولي في مدحه: